"ضع هاتفك جانباً واقرأ كتابًا!". جملة من هذا القبيل لا شك أنها تتردد مراراً وتكراراً على مسامع العديد من الشباب، لكنهم اليوم ليسوا بحاجة لها. منذ سنوات يُنظر للشبكة العنكبوتية على أنها بمثابة منافس في جذب انتباه القراء الشباب. غير أن إلقاء نظرة عامة على الأرقام، على الأقل خلال فترة تفشي وباء كورونا، تكشف أن معدل القراءة بين الشباب لم يتراجع، نقلاً عن وكالة الأنباء الكاثوليكية (KNA). وفي دراسة أجرتها جمعية أبحاث المستهلك في ألمانيا، كشفت نتائجها أن معدل القراءة لدى أكثر من ثلث الأطفال والشباب من عمر 10إلى 19 عاماً، زاد أثناء جائحة كورونا. كما زاد بيع كتب الأدب للشباب. من جهة أخرى توصلت دراسة حول الشباب ووسائل الإعلام للعام 2020 أن الشباب يقرؤون في المتوسط ما يقرب من 20 دقيقة إضافية يومياً. وأكد رئيس فريق العمل لأدب الشباب، رالف شفايكارت، أن أدب الشباب والأطفال تجاوز الأزمة بشكل جيد للغاية مقارنة بمجالات أخرى في سوق الكتاب. ويفترض أن إغلاق المدارس وغياب الأنشطة الترفيهية، ترك لهذه الفئة المزيد من الوقت للقراءة. ويرى شفايكارت أن هذا أمر إيجابي، لكنه يضيف أن هذه الأرقام ترجع إلى حد كبير إلى الشباب الذين قرأوا كثيراً قبل كورونا، ثم أكثر بشكل ملحوظ خلال الوباء. أولئك الذين يقرؤون بشكل عام القليل لن يفعلوا أكثر من ذلك في الإغلاق أيضاً. وللأسف خلال فترة الإغلاق بسبب كورونا لم يكن من الممكن تنفيذ برامج للتشجيع على القراءة، كما لم يكن هناك مبادرات مماثلة من المدارس أيضاً. "مؤثرو الكتب" يمكن استغلال الفضاء الإفتراضي في تشجع الشباب على القراءة. منذ سنوات ظهرت مدونات الكتب، التي تختص بعرض نبذة عن الكتب الأدبية بالإضافة إلى المقالات النقدية عنها. لكن حالياً ظهر مصطلح "مؤثرو الكتب"، وهو مصطلح يُطلق على مؤلفي الكتب، الذين تعرض لهم كتب على شبكة التواصل الاجتماعي "انستغرام". تحت هاشتاغ #bookstagram، يتم عرض الكتب من الناحية الجمالية على المنصة، الأكثر شعبية في أوساط الشباب، "انستغرام". إلى جانب ذلك هناك أيضاً مصطلح "Shelfie" وهو (تقاطع الكلمة من صورة شخصية "Selfie" والكلمة الإنجليزية للرف، "shelf")، وهو ما يعني صورة رف الكتب. يجمع مشهد الكتب هذا بين العناصر الأدبية، مثل نصائح كتب أو تبادل تجارب القراءة، مع الخصائص المرئية للانستغرام والتي تتأثر بشدة بالصور الجمالية. أحدث الاتجاهات هي مقاطع الفيديو للكتب على منصة "تيك توك"، والتي يستخدمها العديد من الشباب. في مقاطع الفيديو القصيرة، المصحوبة غالباً بالموسيقى، يناقش الشباب الكتب ويشاركون تجاربهم في القراءة. الناشرون يعرفون هذا العالم الرقمي للأدب ويقومون بالإعلان من خلاله، بالتعاون أيضًا مع المدونين أو مؤلفي الكتب. تتيح وسائل التواصل الاجتماعي للقراء التصويت على تصميم الغلاف، على سبيل المثال، وبالتالي إشراكهم في عملية صنع الكتاب. يعتقد الألماني شفايكارت أنه من الإيجابي أن تكون القراءة موضوعاً للشباب على هذه المنصات. لكن الرجل البالغ من العمر 57 عامًا يقول إن هذا لا يعالج سوى نسبة صغيرة من مشكلة العزوف عن القراءة لدى الأطفال والشباب. بدلاً من ذلك، يرى شفايكارت في العالم الإفتراضي على أنه مساحة إضافية من أجل مشاركة تجارب القراءة - وفي الوقت نفسه يحذر من مساواة الشباب الذين يتحدثون عن الكتب في مقاطع الفيديو في "تيك توك" بالمقالات النقدية للأدب. في الحياة اليومية للشباب، لا تتعارض الكتب والهواتف المحمولة.وليس من الغريب أن ينعكس عالم الشباب في الأعمال الأدبية وكذلك في محتوى الكتب: فالتعددية الثقافية والعلاقات والتنوع هي الموضوعات المهيمنة. لكن شفايكارت له ملاحظة أيضاً بشأن موضوعات ومحتوى كتب أدب الشباب. إذ يرى أن التوزيع العالي للكتب وحده، لا يحدد اتجاه سوق الكتب وأن المحتوى الذي يجذب الشباب، هو مسألة فردية للغاية. وفي هذا الصدد يعطي شفايكارت مثالاً، يوضح من خلاله هذا التوجه. ويقول: "في حين لا تزال فتاة في سن الثانية عشرة ربيعاً، تلهو بالدمى، قد تجد فتاة أخرى في نفس سنها تقف أمام مرآة المكياج في الصباح. هذا التطوير الفردي يحدد مسار سوق الكتب وكذلك الاهتمامات المختلفة لدى الشباب". يذكر أن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، سينظم بين يومي 20 و24 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري من هذا العام.