إن من أهم المداخل لعقول الناس، التأثير و يمكن إنزاله في عدة مواقع و بصفات مختلفة و هو طريقة تعبير للولوج إلى عقل المتلقي كي يثق و يتبنى الفكرة التي يطرحها صاحبها . أمثلة : كلنا يعلم أن الهنود الحمر هم سكان أمريكا الأصليين ، و كلنا يعلم أن البيض أتوا من أوروبا غُزاة للأرض الجديدة . و مع ذلك كان يصور لنا المخرج السينمائي لأفلام الكوبوي cawboy أن الهنود معتدون و قتلة و أشرار و أن البطل الأبيض و رفقاءه هم الطيبون ، و كنا نؤيد و بحماس و دون شعور البيض على الهنود في كل أفلام رعاة البقر ، أليس كذلك ؟، هذا هو التأثير الذي يضعه كل من أراد أن ينصر أحد أو يهزمه . و هو نفسه من يبكينا في أحد المسلسلات و تقشعر جلودنا من مشهد ما ، و قد هيأ المخرج أنفسنا له باستعمال إشهار للممثلة أنها مظلومة و أن صهرها مثلا هو الظالم و هو من يريد تفريقها عن أبنائها و إن تأكدت خيانتها لإبنه ....و يأتي بالمشهد الذي سيبكينا حين ترى المرأة و هي تودع فلذات أكبادها و ينتزعهم الصهر من بين يديها. اليوم الإعلام الغربي يجتهد لترسيخ فكرة أن طلبان هم أشرار و قتلة و معتدون و سالبي حق المرأة و ......و أن أمريكا التي كانت تدمر داخل أفغانستان و تغتصب و تقتل هي الوجه الطيب و الديموقراطي و المسالم ، و قد خرجت من أفغانستان لكنها ما زالت ترى بعين العطف و الرحمة و الشفقة على الأفغان و تريد من طلبان أن يتعاملوا مع الشعب بالقوانين الدولية و أن لا يحرمون المرأة من حقوقها ....." حرية المجون " نعم هذا هو دور الإعلام و تأثيره ، فهو إشهار لهذا بالصلاح و للآخر بالتمرد و التسلط و الفساد و إن كان العكس هو الصحيح . و هو نفس التأثير الذي يقوم به أحزاب ضد أخرى عند اقتراب استحقاق انتخابي ، هذا يتهم ذاك و ذاك يتهم هاذا بالفساد أو عدم التمكن من تسيير شؤون البلاد، كما تجد الدولة العميقة تؤثر بدورها على مجريات الحملات الانتخابية لما تقتضيه مصلحتها ، و في الواقع أغلبية أعضاء الأحزاب كل منهم يصبو إلى الوصول إلى التحكم لحماية مصالحه أولاً و تبقى المصلحة العامة في الدرجة الثانية أو الثالثة . و هو نفس التأثير الذي يستعمله المستشهر الذي يبين لنا محاسن منتوجه دون إشعارنا بنواقيصه و عيوبه حتى نشتريه . هي مشاهد عدة و تأثيرات كثيرة لا يسعني ذكرها جملة و تفصيلا ، لكنني حاولت تقريب الفكرة.
لذا علينا تثبيت الرؤى و التعامل مع الأحداث بدون عاطفة و لا انسياب وراء كل كلام أو فكرة أو مشهد أو خبر نلتقطه من ملقي يريد تأييد توجهاته و أفكاره و أخباره و منتوجاته .