هل يكفي منظر إنسان يزاحم القطط والكلاب المشردة على صناديق القمامة ليختزل هموم الشعب الملحة؟؟!وهل تكفي انتخابات المؤسسات التمثيلية على المستوى الوطني أو المحلي لتخفف التماس الحاد بين عامة الشعب وقساوة الحياة اليومية؟؟ وعليه فلا نحتاج إلى كثير من الجهد لنقر بأننا سوقنا طويلا نظاما سياسيا مبنيا على قواعد ديمقراطية مغشوشة،أنتجت طبقة مجتمعية جشعة استأثرت بالقرار في السياسة والمال بعيدا عن مراقبة الرأي العام،حيث قادتها مكاسبها لتعيش في السحاب،بينما ظلت الغالبية المسحوقة من الشعب تتمرغ في التراب!!! وقد يرى البعض أن الطموحات تفوق القدرات، لكن علينا أن نبدأ وبإلحاح في طرح السؤال الروتيني المزمن: من أين يأتي الفساد؟؟ وأن لا نتردد في كشف الغطاء عن التلوث المتصاعد من المكاتب الفاخرة وأن نكف عن اعتباره كارثة طبيعية!! وهو إسعاف أولي قبل فوات الأوان؟؟! ذلك أن الشعب بات يعي المرحلة التاريخية الراهنة أكثر من أي وقت مضى، ولن ينفع معه إلا الصدق والحرية وهي الفضاء الطبيعي للإبداع والابتكار.وهو أمر لن يتأتى إلا بوجود إرادة حقيقية وقوية في التغيير لدى سلطات القرار ولدى كل أطياف المجتمع الفاعلة والنشيطة،حيث لايمكن أن ننتظر المعجزة لتتحول الأوضاع ويتم التغلب على معوقات التطور،كما لا يمكن أن نقفز في الهواء دون تصحيح المسار السياسي الذي غاب عنه مفهوم الشراكة باعتباره مبدأ رئيسي للمواطنة إلى جانب المساواة وتكافؤ الفرص. مشاكلنا قديمة، وترددت في كل خطابات الحكومات المتعاقبة وهي واضحة إلى حد القسوة:العدل والفقر والجهل والمرض وباختصار شروط الكرامة الإنسانية. ونفس الحلول النظرية الجاهزة تكررت في تلك الخطابات!! فهل سنشهد أفكارا جديدة تعمل على الأرض لتثمر أعمالا وتغير واقعا؟؟! لقد رصد الشعب حصيلة الخمسين عاما الماضية بمعيار المكاسب والخسائر وأصبح يثابر ليبدأ التنفس الطبيعي عبر التمرس على استعمال آليات المراقبة والمحاسبة بأسلوبه الخاص إذا تقاعست مؤسسات الدولة. ذلك أن تحريك المجتمع من وضع إلى وضع يقوم أساسا على خلق أدوات اتصال واضحة بين الشعب وممارسي الحكم تسمح ببناء الثقة وبروز الكفاءات. وفي هذا الصدد لابد من تنبيه كل من احتكر الكلام لسنوات ومازال يمارس هوايته تلك، أن الأرض قد أينعت الكثير!! بعد قليل سيذوب الثلج ويظهر المرج