منذ صعود حزب العدالة و التنمية الى رأس هرم 'السلطة التنفيذية' بالمغرب حاول بطرق عدة خلق تحالف يقويه و يعزز منعته في ظل التيار الجارف الذي كان من المنتظر ان يلاقيه حزب ' إسلامي' جرجرته رياح الربيع العربي الى سلطة ما كان يحلم بها ب 'ليت' و لا ب'لعل', وقد حاول الحزب البحث عن حلفاء من خارج إيديولوجيته بحثا عن المشروعية و عن التوافق, و لما كانت النفعية و البراغماتية سيدة الموقف في المشهد السياسي المغربي , فقد استطاع الحزب ان يتحالف مع خصوم إيديولوجيين كانوا بالأمس القريب أعداء الى ابعد الحدود, فتحالف مع حزب التقدم و الاشتراكية الحزب الذي كان له ماضي يصل الى الدموية مع حزب بن كيران قبل ان يصبح حزبا, كما تحالف مع الحركة التي لم تكن تتقاسم و العدالة و التنمية نفس الرؤية 'و نفس الشيء يمكن ان نقوله عن الاستقلال الذي و ان كان يصنف انه حزب محافظ و تقليدي الا أن الحزب لم يكن متوافقا مع الإسلاميين الذين يشكلون خطرا عليه و على هيمنته على اليمين الذي يمكن ان نقول تجاوزا انه ينتمي اليه, و حتى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي تخندق في المعارضة لا يمكن ان نقول انه حافظ على رؤيته التقليدية و على عدائه للعدالة و التنمية, اذ انه كان قريبا من التحالف الحكومي لولا بعض الشنآن الذي وقع بينه و بين قيادات البيجيدي, كما انه تخندق في المعارضة العادية التي تريد حصد مكاسب سياسية من المعارضة و لم يحافظ على العداء الإيديولوجي الكبير للعدالة و التنمية. في هذا المناخ بقي حزب الأصالة و المعاصرة الوحيد الذي يخوض حربا ضروسا على حزب العدالة و التنمية ' اذ ادخل في أدبياته استحالة التحالف مع الحزب 'الإسلامي' و ظل في كل وقت وحين يكيل للحزب و قياداته كما كبيرا من التهم بسبب و بدون سبب ,و برزت قيادات الأصالة و المعاصرة كمحاربين أقوياء لقيادات العادلة و التنمية متصدين لهم في كل مناسبة و حتى بدون مناسبة, و برز بالخصوص شخص الياس العماري كوجه قوي لمعارضة العدالة و التنمية و قيادييها إضافة الى اغلب رموز الحزب كالرويسي و بكوري و غيرهما. تصدر إذن الياس العماري لائحة المشاكسين بضراوة لحزب العدالة و التنمية إيديولوجية و أشخاصا, و قد سخر لذلك مهارات و قدرات توفرت لديه ظنها كفيلة بإسقاط ما يعتبره مشروع العدالة و التنمية , ان كان لها مشروع من الأساس, لكنه في كل خطاباته يحاول تكريس صورة نمطية عن الحزب و قيادييه و مشروعه, تتلخص هذه الصورة في خليط غير متجانس من الإسلامية المقرونة بالرجعية و اللاديمقراطية و استغلال الدين.. و غيرها من الاسطوانات المشروخة التي تلصق جزافا بكل من يشم فيه رائحة الإسلامية سواء بحق او روج لها لنفسه , طبعا هذه الصورة النمطية يحاول من خلالها العماري الحد من شعبية العدالة و التنمية باعتبارها حزبا رجعيا لا يساير العصر و التقدم الذي يسير فيه المغرب الحديث و بالمقابل الرفع من شعبيته و شعبية حزبه باعتباره ممثلا للحداثة و التقدمية و غيرها من المصطلحات الاستهلاكية التي لم تعد تصلح لترويج منتج سياسي بعد الربيع العربي الذي أتى بمصطلحاته الجديدة. من خلال حملة الرجل ضد العدالة و التنمية و قيادييها يبدوا انه لم يتنبه لأمور عدة تجعله خادما للعدالة و التنمية بدل ان يقوم بإسقاطها و يجعله مدشنا لحملة انتخابية قوية تزيد من شعبية العدالة و التنمية و لا تنقصها و من اهم هذه الامور التي غفل عنها صاحبنا أمرين بالغا الأهمية : · اذا كان نعت الإسلامي قد يسقط حزبا او شخصا سابقا ,فهو اليوم العصا السحرية لجلب الأصوات في ظل طبقة ناخبة انطباعية عاطفية تصوت دون وعي بالبرامج, مما يجعل وصف الحزب بالإسلامي مدا شعبيا في دولة مسلمة يقدس فيها المواطنون كل ما يمت للإسلام بصلة حتى و ان كان غير ذي صلة به , و ما النخبة العلمانية و الحداثية التي تشكل لوبيا قويا في الإعلام و مؤسسات الدولة الا أقلية لا وزن لها امام الأغلبية الغالبة من المواطنين الذين يخدعهم الخطاب و يظنون ان كل ما يلمع ذهبا, مما يجعل العماري مستغلا للدين لصالح العدالة و التنمية و ليس ضدها و لن تنفعه حداثته و تقدميته في مجتمع لا يؤمن بها أصلا, ولعل ما قال به اخيرا حول الإمارة الإسلامية و بن كيران لهو اكبر دليل على غفلته و تخبطه. · ' اذا جاءتك مذمتي من ناقص فتلك الشهادة باني الكامل' القول ينطبق على الأصالة و المعاصرة التي ينظر إليها أنها حزب هجين يضم باطرونا و مشاهير و طبقة مسيطرة إضافة الى انه حزب ينعت بالمخزني و ان دار المخزن التي انشاته بعدما كانت ولادته على يد الهمة الذي كان في الداخلية و الذي كان يهتف بإسقاطه و محاسبته الى وقت قريب , و بالتالي فان عداء الأصالة و المعاصرة للعدالة و التنمية سيحسب لها لا عليها و سيكرس ديماغوجية بن كيران حول العفاريت و التماسيح. ان استمرار الحرب العمياء الغير ممنهجة على العدالة والتنمية لهو اعلاء لها لا تستحقه, و لهو غباء سياسي يعطيها الذرائع لأي فشل قد يصيب سياساتها المتعاقبة بدعوى أنها محاربة من لوبي التماسيح و العفاريت التي ما فتأ السيد بن كيران يلوح به في وجوهنا' مخلاونيش نخدم/ماباغينش الخير لبلاد/ خرجو على البلاد و باقي اسطوانته حول عفاريته و تماسيحه), فالأولى ان ترتقوا بممارستكم الحزبية و ان تكفوا عن خطاباتكم الخشبية و الديماغوجية التي بلقنت المشهد السياسي , و بدل ان تركزوا على الاسباب الحقيقية للمشاكل التي يعيشها المغرب و تتظافر جهودكم حكومة و معارضة تلعبون تمثيلية القط و الفأر التي لم تعد مضحكة, و رسالتي للسيد العماري ان اراد ان يسمعها " قبل ان تشرع في خطاباتك انزل من برجك العاجي و ادرس عقلية الإنسان المغربي و خاصة الناخبين المفترضين (الذين يشكلون قلة و نسبة التصويت تشهد) لتسدد خطاباتك بفاعلية اكبر و لتكف عن ذلك الخطاب المستهلك الذي لن يزيد الا من شعبية خصمك " هذا ان لم يكن السيد العماري ملمعا للعدالة و التنمية و نحن لا ندري.