أزمة حقيقية تلك التي يعيشها حزب العدالة والتنمية، قائد الحكومة وصاحب الأغلبية النيابية لولايتين متتاليتين، إذ لم يكن يعتقد أكثر خصومه تفاؤلا أن يشرع صرح الحزب في التهاوي في هذا الوقت الحساس، وبنيران صديقة. وحدة الصف، التي لطالما تغنى بها البيجيديون، واعتبروها سر قوتهم واكتساحهم للمشهد السياسي بالمغرب، أصبحت في خبر كان، وهذا لم يحدث مؤخرا كما يعتقد البعض، بل منذ اليوم الذي تمت فيه تنحية بنكيران ، عقب واقعة البلوكاج الشهيرة، وقبول العثماني وعدد من كبار القياديين الحلول محله وقيادة النسخة الثانية من الحكومة، حيث أصبح بعدها الحزب برأسين، أحدهما ظاهر ومنتخب، والحديث هنا عن العثماني، والثاني مضمر ويحرك المريدين فايسبوكيا، ويتعلق الأمر ببنكيران. القشة التي قصمت ظهر البعير جاءت يوم أمس، بعد مصادقة الحكومة، وبدعم من وزراء البيجيدي، على تقنين زراعة القنب الهندي، وهو الأمر الذي دفع بنكيران إلى تجميد عضويته في الحزب ومقاطعة إخوانه السابقين، إذ لم يستسغ تجاهلهم لتهديداته ليقدم بالفعل على تنفيذ وعيده. التصعيد البنكيراني ستكون له تداعيات وخيمة على تراص الحزب، فالجميع يعلم أن الزعيم السابق لازال يحظى بنفوذ قوي داخل المصباح، إذ أن مجرد توجيه قد يصدره من شأنه أن يحرك آلاف البيجيديين ضد الأمانة العامة الحالية، وهو ما سيؤثر حتما وبشكل سلبي في السباق الانتخابي الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى بضعة أشهر.
فهل سيتمكن "المصباحيون" من توحيد الصفوف وإصلاح التشققات التي أوشكت على تحطيم ما تم بناؤه في سنوات طوال؟ أم أن صراع التيارات سيغرق السفينة بمن عليها؟