مالي تحتج على إسقاط "طائرة مسيرة" بتحرك عدائي للجيش الجزائري    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة.. نبيل باها: من أجل التتويج باللقب لابد من بذل مجهودات أكثر    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة (ربع النهائي).. المنتخب المغربي يواجه نظيره الجنوب الإفريقي يوم الخميس المقبل    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    توقيف إفريقيين مقيمان بدول أوروبية بمطار طنجة لحيازتهما ل46 كيلوغرام من المخدرات    ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    أمم إفريقيا : منتخب U17 يضرب موعدا مع جنوب إفريقيا في ربع النهائي بعد فوزه على تنزانيا    خريبكة تلاقي تطوان بكأس العرش    تحطم طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي.. التحقيقات تكشف إسقاطها بهجوم صاروخي من الجيش الجزائري    توقيف شخص بإنزكان بشبهة السكر العلني البين وإلحاق خسائر مادية بممتلكات الغير    الذكاء الاصطناعي في الصفوف الأمامية خلال المؤتمر 23 لجمعية مكافحة الأمراض المعدية    عطاف يستقبل دي ميستورا بالجزائر    الإيطالي 'لوتشيانو دارديري' يتوج بلقب النسخة 39 من جائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس    عودة حركة الملاحة إلى طبيعتها بين طنجة وطريفة بعد تحسن الأحوال الجوية    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    عشرات آلاف المغاربة يتظاهرون في الرباط "ضد الإبادة والتجويع" في غزة    وقفة تضامنية حاشدة في الحسيمة نصرة لفل سطين وتنديداً بالعدوان على غ زة    وزير الخارجية الفرنسي يعلن الاتفاق على بناء "شراكة هادئة" مع الجزائر    بيانات: المغرب ثاني أكبر مستورد للقمح الطري من الاتحاد الأوروبي    العربية للطيران تطلق خطا جويا جديدا بين الناظور ومورسيا    بعد انخفاض أسعار المحروقات وطنياً.. هذا هو ثمن البيع بمحطات الوقود في الحسيمة    آلاف المعتمرين المغاربة عالقون في السعودية    جدل الساعة الإضافية : كلفة نفسية على حساب اقتصاد طاقي غير مبرر    "أساتذة الزنزانة 10" يعلنون الإضراب    تأجيل تجمع "مواليد 2000 فما فوق"    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تواجه رفضا واسعا للتعديلات القانونية الجديدة    بوزنيقة: المكتب الوطني المغربي للسياحة: افتتاح أشغال مؤتمر Welcom' Travel Group'    المغرب يحدد منحة استيراد القمح    الرصاص يوقف هائجا ويشل حركة كلبه    توقيف مروجين للمخدرات الصلبة بحي الوفاء بالعرائش    لوبن تدين "تسييس القضاء" بفرنسا    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    الذكاء الاصطناعي.. سوق عملاق يُهدد العدالة الرقمية    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    أوبك بلس تؤكد عدم إجراء أي تغيير على سياسة إنتاج النفط    الرباط تصدح بصوت الشعب: لا للتطبيع..نعم لفلسطين    السفارة الأمريكية توجه تحذيرا لرعاياها بالمغرب    لسعد الشابي: الثقة الزائدة وراء إقصاء الرجاء من كأس العرش    أمن طنجة يوقف أربعينيا روج لعمليات اختطاف فتيات وهمية    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    ترامب يدعو لخفض أسعار الفائدة: الفرصة المثالية لإثبات الجدارة    المغرب يتوعد بالرد الحازم عقب إحباط محاولة إرهابية في المنطقة العازلة    طنجة .. وفد شبابي إماراتي يطلع على تجربة المغرب في تدبير قطاعي الثقافة والشباب    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    بحضور عائلتها.. دنيا بطمة تعانق جمهورها في سهرة "العودة" بالدار البيضاء    الوديع يقدم "ميموزا سيرة ناج من القرن العشرين".. الوطن ليس فندقا    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإلحاد ذلك الشر المستطير
نشر في أخبارنا يوم 06 - 07 - 2020

كثيرة هي المخاطر التي تهدّد مجتمعنا، وعديدة هي الظواهر المشينة والسلوكات المنحرفة التي تغزو أمتنا الإسلامية، وتستهدف بالخصوص فئة الشباب، تلك الفئة المهمة في تطور كل المجتمعات ورقي كل الحضارات، بيد أن مظاهر الإنحراف تخرمها، وسنابك التضليل والإغواء تجتاحها، فتفوّت على أمتها للأسف فرصة التقدم والإزدهار، وتهوي بها عبر دركات الجهل والضلال.

ولعلّ أشد هذه الظواهر خطورة وأكثرها شيوعا ظاهرة الإلحاد، وما تقوم عليه من إنكار وجود الله والتمرد عليه سبحانه، واستباحة كل المحظورات، والتجرد من كل الواجبات، والإنسلاخ من كل الأخلاق، وتمجيد الذات وتقديس العقل وعبادة الهوى، والتجرؤ على المقدسات وتجاوز كل الخطوط الحمراء، فينعكس ذلك سلبا على كل المستويات.

فعلى مستوى الفرد يدخل الإنسان الملحد في حيرة وارتباك، واضطراب واغتراب، ذلك أنه خالف الفطرة المتمثلة في الارتباط الوثيق بعالم الغيب والملكوت، والاتصال الدائم بالخالق جلّ وعلا، فيلج بحرا من القلق والفزع والخوف الناتج عن استبدال الله تعالى بأقانيم المال أو الجاه أو الهوى، فالإنسان مجبول على العبادة، فإما أن يعبد الله فيحصل الإطمئنان والسكينة والآمان، وإما أن يعبد غير الله ويتخذ إلهه هواه، فيرتشف من الذلة ألوانا ومن الهوان أنواعا.

والأدهى أنه يعتقد وهماً التفرد بالإجادة والنبوغ، وأنه قد تحرر من كل الأغلال وكسر كل القيود، وأنه قرأ لفلان أوعِلاّن من مردة الكفر ودجلة الفكر ودعاة التحرر وسحرة الكلام، أولئك الذين لم يتورعوا عن ارتشاف عسيلات الحياة رافعين شعار الغاية تبرّر الوسيلة، حاملين لواء لا إله والحياة مادة، والواقع أنهم لم يفهموا من ذلك كله إلا ما يفهمه القرد اليماني من الرقص على نغمات الناي وما عَذُب من الألحان، وهم مع ذلك خرس لا يسمع

لهم جرس، اللهم بعض السجالات والفقاعات والاستعراضات والصيحات التي تضر ولا تنفع، وتجلب الضرر ولا تدفع.

أما على مستوى الجماعة فالأمر أفحش والضرر أكبر، ذلك أن الإلحاد يكون سببا رئيسا لأكثر الجرائم والفواحش والانحرافات والسلوكات الخطيرة، فالملحد لا يشعر بالرقابة الإلهية ولا القيود الأخلاقية والدينية، ومن ثَمّ يستبيح في تنفيذ أهوائه وإشباع رغباته كل الممنوعات، ويتخذ لمآربه ونزواته كل الحيل والذرائع والمحظورات، فقد يقتل ليزني، وقد يسرق ليشرب الخمر، وقد يطلق زوجته ويشرد حليلته لأجل خليلته، فتزداد نسبة الجرائم، وتتفكك الأسر وتنهار العلاقات الاجتماعية وتضيع المصالح فيستحيل العيش مع هذا الحرج الكبير والشر والمستطير.

ثم إن الناظر إلى أسباب الإلحاد وموجباته وعوامله، يجدها متداخلة فيما بينها، متنوعة في عناصرها، منها ما يرجع إلى ذات الملحد ومنها ما يعود إلى بيئته ومحيطه، ومنها عوامل خارجية، تتجلى في ترويج الفكر الإلحادي في البلدان الإسلامية من طرف بعض الأبواق الإعلامية أو الحركات المعادية لله تبارك وتعالى.

ولعلّ أبرز هذه الأسباب الفهم الخاطئ للدين، إذ يرى الملحد في الديانات السماوية عموما والإسلام خصوصا قيودا وسلاسل تقيد البشر، ولعل في مصنفات جبران خليل جبران ما يوحي بهذا، رغم إعجابي الشديد بأدب هذا الرجل وأسلوبه الماتع، فمثلا نجده في الأرواح المترمدة يثور صراحة ضد كل التعاليم الدينية والشرائع السماوية.

ولست هنا بصدد تكفير أحد، فهذا ليس من شيم طلبة العلم وأهل السنة والجماعة ولكن أصل كلمة الإلحاد ومعناها اللغوي تقتضي ذلك، فالإلحاد هو الميل عن الحق، ومن ثم فإن كلمة ملحد تشمل جميع الضالين المضلين ( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ).

فلما اعتبروا الأديان قيودا ومظهرا من مظاهر الاستعباد، زعموا ثاروا ضد كل المعتقدات ودنسوا كل المقدسات، متحررين من كل مكارم الأخلاق، وهم في الحقيقة هاربون من الحرية إلى الإستعباد، ومن السعة إلى الضيق الشديد، ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعّد في السماء...).

كما أن ضعف الحصانة الفكرية والفراغ الروحي الحاصل عند كثير من الشباب، يجعلهم في أغلب الأحيان ضحية سهلة للاستقطاب الإديولوجي، ويحول عقولهم إلى مادة هلامية سهلة الاختراق، فتتم السيطرة عليهم بحجج واهية وكلمات معسولة، وإعادة تشكيل معتقداتهم وتصوراتهم حول الله والعالم والحياة.

وإذا أضفنا إلى ذلك الجهل والتطرف وسوء التربية والفراغ وقلة الواجبات والبطالة والفقر والهشاشة الاجتماعية والمشاكل المالية والظلم وندرة القدوة الحسنة، وكذا حب الذات وتمجيدها وتقديسها، نستطيع أن نخرج بصورة متكاملة الأركان حول أهم دوافع الإلحاد وأسبابه وموجباته.

ولمقاربة هذه الموضة الجديدة القديمة من الكفر، لا بد أن أولا من الاعتراف بها كمشكلة عصرية وصيحة فاسقة وظاهرة خطيرة قد تؤدي إلى كوارث عظيمة، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة التشخيص أي الكشف عن أسباب هذه الآفة، فأهم مراحل العلاج تحديد الداء ومحاصرته وإدراك عوامله وأسبابه، فاذا عرف السبب بطل العجب، وبعد هاتين المرحلتين المهمتين، تأتي المرحلة الثالثة وهي البحث عن وصفات كفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة، وإنقاذ الشباب من براثن الحرب مع الله، وذلك بإشراك مختلف الفاعلين : خبراء في علم النفس والاقتصاد والطب والاجتماع، وكذا الفقهاء ورجال الفكر والخروج بمخططات قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، لاجتثات هذه الآفة والقضاء عليها.

فمراحل العلاج من وجهة نظري الشخصية ثلاثة :

1 الاعتراف بالظاهرة.

2 البحث عن الأسباب والعوامل.

3 إشراك مختلف الفاعلين في وصف دواء ناجع لهذا الداء الفتّاك.


وعلى سبيل الختم، يجمل بنا أن نؤكد على خطورة هذه الظاهرة، وتداعياتها السلبية على مستوى الفرد والجماعة، وأن كل تهاون في الحزم مع هذه الآفة ينذر بوضع خطير وأزمات متتالية، الشيء الذي يعوق عملية التنمية بفقدان عنصر مهم في بناء الحضارات ألا وهو عنصر الشباب، لكن ما مدى وعي الجهات المسؤولة بهذا الخطر الذي يداهم المجتمع؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.