توالت نجاحات نتنياهو السياسية على مستوى القضية الأكبر التي تعني وجودهم أو وجودنا، و توالت معها الصفعات لأمة بلغ بها الذل و الهوان أن أصبحت مضرب الأمثال في الإنبطاح و الخضوع. خرجت خطة "السلام" من رحم مسلسل طويل من الإعتداءات و جرائم الحرب و الحصار و التنازلات، خرجت تمُن على الفلسطينيين و إخوانهم الأعداء و بدولة لا كباقي الدول، دولة معاقة ولدت بعملية قيصرية تحت إشراف جراحين بارعين في إعادة توليد خرائط العالم بما يُركع المتمرد و يطفئ الثائر. تقسيم المقسم و تركيع المتمنع و تنصيب القرود على رؤوس الملايين.
لسان الحال يقول أن البيت الأبيض هو من يحكمنا سواء أكان فيه ترامب أو الجن الأزرق... "و يا عيب الشوم علينا" كما يقول إخواننا السوريون.
لكنني لا ألوم أصحاب هذه الخطط لأنهم لو فعلوا غير ذلك لما انسجموا مع طبيعتهم العدائية لكل ما هو إسلامي، لكن اللوم كل اللوم يقع علينا نحن الشعوب.
سنغضب و نحن نشاهد تقارير الجزيرة عن القضية الفلسطينية ثم يجتمع كل منا إلى أسرته على طاولة العشاء و يخلد بعد ذلك للنوم فللغد مشاغله. ستكتب القصائد الشعرية و الخطب و تلقى في الندوات و المحاضرات ثم ننصرف فلكل شأن يغنيه.
أصبحت معاركنا مع الخبز أكثر أهمية من أي معركة وجودية أخرى بدءا من معركة الكرامة في الأوطان إلى معركتنا مع الصهيونية و النظام العالمي الجديد. و يا للوقاحة حين لم يجد ممثلوا بعض الدول العربية غضاضة في حضور حفل الإعلان عن بصقة القرن و كأني بهم يُغتَصبون أمام الملأ و لا يدركون.
ألهذا الحد يعبد الحكام العرب كراسيهم و يعبدون من دون الله من يعتقدون أنهم يحمونهم، لدرجة تعدت خطوات التطبيع السرية و العلنية و ذهبت لإصدار نسخة من القرآن الكريم مترجمة بالعربية بما يتماشى مع الكثير من الترهات الإسرائيلة.
من لم يحضر بصقة القرن أصدر بيانات أقل ما يقال عنها أنها خنوعة ذليلة. كيف لا و حكام العرب يرتبطون بحبل سُري مع البيت الأبيض و من خلفه تل أبيب فمنها مأكلهم و مشربهم و سلاحهم و أمنهم...و عروشهم.