لا تزال المحاكم في الدارالبيضاء لم تستقر بعد في مقر دائم ، فمنذ قرار توحيد المحاكم الابتدائية الخمسة في محكمة واحدة في زمن وزير العدل الراحل محمد بوزوبع المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي سنة 2004 ، لم تستقر أوضاع القضاء في مدينة الدارالبيضاء ، وجبت الإشارة إلى إن قرار توحيد المحاكم الابتدائية الخمس في محكمة ابتدائية واحدة ، كان على الأوراق فقط ، حيث تم التخلي عن محكمتي ابن امسيك وعين الشق وتسليم مقريهما إلى مالكه ، مع توزيع ملفات المحكمتين على باقي الأقطاب المستحدثة ، فالقطب الجنحي الذي يعنى بالحسم في القضايا الجنحية والمخالفات انتقل إلى جوار غرفة الجنايات بشارع الجيش الملكي ، وهذه الأخيرة انقسمت على نفسها ، حيث تم ترحيل قسم منها إلى المحكمة الجديدة بحي الألفة ، وبقي قسم في المقر القديم بشارع الجيش الملكي ، في حين تم تخصيص مقر المحكمة الابتدائية بدرب سلطان لقسم قضاء الأسرة ، وتم نقل الملفات المدنية الاستئنافية لشعبتي المدني والاجتماعي والشرعي من محكمة شارع الجيش الملكي إلى محكمة الألفة ، في حين تم تخصيص مقر محكمة أنفا لشعبة الملفات المدنية والاجتماعية الابتدائية ، بالمقابل تم ترحيل المحكمة الإدارية من الحي الإداري إلى مقر المحكمة الابتدائية لعين السبع الحي المحمدي المجاورة لمحكمة أنفا ، وتم نقل مقر المحكمة التجارية من مقرها بدرب عمر إلى المقر الجديد بسيدي عثمان قبالة مقر عمالة ابن مسيك ، ثم عاد المسؤولون القضائيون إلى إعادة ترحيل الشعب والأقسام بل وحتى المحاكم من جديد ، وتم نقل المحكمة الإدارية من مقرها الجديد بوسط المدينة إلى درب سلطان الفداء مكان قسم قضاء الأسرة ، هذا الأخير تم نقله من جديد إلى محكمة الألفة ، بالمقابل تم نقل القسم الجنحي إلى عين السبع قرب مقر عمالة عين السبع ، وتم نقل القسم الاجتماعي بشقيه النزاعات والحوادث من محكمة أنفا إلى محكمة الألفة ، وتم استقدام الملفقات الشرعية والاجتماعية الاستئنافية إلى محكمة عين السبع مكان المحكمة الإدارية ، ويجري الحديث انه سيتم توسيع بناية محكمة الاستئناف بشارع الجيش الملكي ، لا أحد يعلم نوعية الملفات التي سيتم نقلها إليها ، وعموما لا زال عدم الاستقرار و الترحال هو السمة الغالبة على سير العدالة في العاصمة الاقتصادية .منذ سنة 2004 سنة قرار توحيد المحاكم الابتدائية الخمس في محكمة ابتدائية واحدة ، والمسؤولون القضائيون في حيرة من أمرهم ، ينقلون هذه المحكمة من مقرها إلى مقر جديد ، وينقلون هذه الشعبة من هذا المقر إلى ذلك ، ثم لا يتلبثوا أن ينقلوا ذات الشعبة إلى مقر آخر ، ثم يعدلون عن قرارهم ويعيدون الشعبة إلى مقرها ،وكأن شيئا لم يقع .هل هناك ضرر من تنقيل المحاكم طيلة 8 سنوات تقريبا من مقر إلى مقر داخل المدينة العملاقة ؟ ، طبعا ليس هناك ضرر واحد بل أضرار جمة ،حيث يتم ترسيخ الإحباط والتذمر لدى المتقاضين ، أمام غياب التواصل والإعلان المسبقين قرار تنقيل محكمة أو شعبة ، وبعد المتقاضين تظهر معاناة المحامين المجبرين على الانتشار اليومي داخل المدينة بين أقسامها وشعبها المنتمية مجازا الى المحكمة الابتدائية الموحدة على الأوراق والمشتتة على ارض الواقع ، ثم يأتي دور القضاة الذين يجدون أنفسهم مضطرين الى رئاسة جلسات الحكم في مقر محكمة والعودة إلى مكاتبهم الموجودة في محكمة أخرى في انتظار تسوية الوضعية ، ومع المتقاضين والمحامين والقضاة تظهر معاناة الموظفين الذين يجدون الملفات قد بعثرت ، والكراسي قد تغيرت والمكاتب اختلفت ، وهم بين نار استمرار العمل والاستجابة لطلبات المتقاضين ومعهم المحامين وتحت ضغط الرؤساء .هل هناك مستفيد من رحلة الشتاء والصيف لمحاكم الدار البيضاء ؟ ، المستفيد الأول هو الارتجال والاضطراب ، المستفيد الأول هو ترسيخ السائد من الأحكام المسبقة المعششة في أذهان عموم الناس ، وهي أن ثمة سوء تقدير وسوء تسيير لقطاع العدل ، وان التنقيل الدائم دون مراعاة للاستقرار دليل على ما يعيشه القطاع من تجريب بعض النماذج .