الترتيبات جارية على قدم وساق. جل الإشكاليات التي تطرحها الهندسة الجديدة للمحاكم بالدارالبيضاء تم إيجاد حلول لها في انتظار تاريخ فاتح دجنبر موعد الإنطلاق بالعمل بالتنظيم الجديد الذي نص عليه مرسوم يقضي بإحداث محاكم ابتدائية مصنفة مدنية واجتماعية وزجرية. ملفات قسم الإستئناف الشرعي بحي الألفة يتم تنقيلها إلى مبنى المحكمة الإدارية سابقا والمجاور لمحكمة آنفا وهو المبنى الذي سيحتضن قسم الإستئناف الشرعي والإجتماعي، فيما يتم تنقيل ملفات القسم الإجتماعي بالمحكمة الإبتدائية لآنفا إلى مبنى محكمة الإستيناف بحي الألفة، وهذه الأخيرة سوف تحتفظ بكونها محكمة للآسرة. المحكمة الإبتدائية الإجتماعية التي سيخصص لها مبنى محكمة حي الألفة ستنقسم إلى أقسام قضاء الأسرة وغرف حوادث الشغل والأمراض المهنية وغرف نزاعات الشغل. المحكمة الإبتدائية الزجرية بعين السبع فستنقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف حوادث السير وغرف قضاء الأحداث، فيما المحكمة المدنية ستحتفظ بمقرها الحالي بآنفا. لن يتم تنقيل الموظفين، فقد تقرر ذلك بعد مراسلة للنقابة الديمقراطية للعدل وأحدثت لجنة مكونة من رئيس المحكمة الإبتدائية لآنفا والوكيل العام للملك بمحكمة الإستيناف وممثل عن الموظفين والذين قرروا أن يتم الإنتشار بناءا على اختيار الموظف، وعلى آساس أن يبقى الموظفون مثلا في المحكمة الإبتدائية لآنفا على أساس أن يعملوا في الملحقة الجديدة المخصصة للإستيناف الإجتماعي والأسرة. حسب عبد الله العلوي الشريفي كاتب الفرع المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل، فإن «توحيد المحاكم ،بالدارالبيضاء كان كارثة بالنسبة للموظفين وتسبب لهم في مشاكل عديدة، كما أن إعادة التوزيع زاد من مشاكلهم، ولذلك كان من الضروري البحث عن حل يحد من المعاناة، وهو ما تم التوصل به بالتوافق مع المسؤولين القضائيين بالمدينة»، ذات المشكل طرح أيضا بالنسبة للمحامين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على التنقل بين أحياء بعيدة في الدارالبيضاء ويستعصي عليهم حضور جلسات عديدة بسبب بعد محكمة عن أخرى وأيضا مشكل التنقل والإزدحام في شوارع الميتروبول الإقتصادي، إضافة لمشكل ضياع الملفات عند كل تنقيل وتوزيع للمحاكم. الهندسة الجديدةبالدارالبيضاء، ستتيح إمكانية تصنيف المحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى اجتماعية وابتدائية زجرية. هذا التصنيف للمحاكم الابتدائية يكتسي أهمية بالغة كما هو الحال في مدن آخرى, خاصة بالنسبة لبعض المحاكم الابتدائية الكبرى، وذلك على مستويات عديدة كضبط تصريف القضايا, وتسهيل الإجراءات بالنسبة للمتقاضين، وتعزيز التخصص داخل المحاكم, وتنظيم سير العمل بها، وضمان التأطير والتكوين الجيد لفائدة الأطر القضائية والإدارية العاملة بها، وتوحيد الاجتهاد القضائي. فالتصنيف الجديد للمحاكم سيحد من العراقيل التي يصادفونها وسيتجه القضاء نحو التيسير والإحترافية، ولن تقض تعدد المساطير وبطئها مضجع المتقاضين. تلك عوائق كانت تعترض التنظيم القضائي الحالي، وتقض مضجع المتقاضين، لذلك كان الرهان على تجاوزها بتطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة والتحكيم والصلح والأخد بالعقوبات البديلة وإعادة النظر في قضاء القرب، الذي سيتم إقرار تموضعه كقسم بالمحاكم الإبتدائية ومراكز القضاة المقيمين، مع تكيلف قضاة تعينهم الجمعية العمومية للمحكمة للبث في القضايا المعروضة عليها. الهندسة الجديدة للمحاكم بالمملكة والتي تندرج في إطار قضاء القرب، ستمكن أيضا من إحداث غرف على مستوى المحاكم الإبتدائية تختص بالنظر في استئناف بعض الأحكام الإبتدائية الصادرة في قضايا المخالفات التي يقضي بشأنها بعقوبة سالبة للحرية، وفي القضايا الجنحية التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا والغرامة أو إحداهما فقط، وكذا الأحكام الصادرة في بعض القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 20 ألف درهم، وسيمكن ذلك من التقريب من المتقاضين، لا سيما بالنسبة للمحاكم الإبتدائية البعيدة مقارها عن مقار محاكم الإستئناف. إلى جانب ذلك سيتم توسيع مجال اختصاص القضاء الفردي بالمحاكم الإبتدائية ليشمل كافة القضايا ماعدا قضايا الأسرة والميراث (باستثناء النفقة) وكذا كافة القضايا الجنحية، وسيمكن من تسريع البث في القضايا وتبسيط إجراءات التقاضي والتحكم في سير الجلسات وتقوية الشعور بالمسؤولية، هذا فضلا عن توفير عدد مهم من القضاة الذين كانوا يشتغلون في إطار القضاء الجماعي، الهدف من كل ذلك تقريب القضاء من المتقاضين وإحداث جهة قضائية محترفة، مؤهلة لمعالجة المنازعات والمخالفات البسيطة وفق مساطير مبسطة مع تيسيير سبل التبليغ والتنفيذ. لن يتغير باقي الهندسة الفوقية للتنظيم القضائي للمملكة، التي تبقى المحاكم الإدارية والتجارية أحد أسسها في المستوى الأول، ثم محاكم الإستئناف ومحاكم الإستئناف التجارية ومحاكم الإستئناف الإدارية وانتهاء بمحكمة النقض على رأس هرم التنظيم القضائي بغرفها المختلفة، والذي طوق بمهمة مراقبة المسائل المتعلقة بالقانون ومراقبة شرعية القرارات التي تصدرها محاكم الموضوع ضمانا لتوحيد الاجتهاد القضائي.كل ذلك قد يعيد الإرتياح للمتقاضين بعد أن ينصفهم القضاء دون أن يقض بطء مساطيره مضجعهم.