خطوة محمودة بادرت إليها إدارة الأمن الوطني بتنسيق مع وزارة العدل خلال المدة الأخيرة، تتعلق بأمن المحاكم، حيث عمدت بالدار البيضاء إلى خلق ما يشبه هيئة أمنية تضبط النظام بالمحاكم البيضاوية. المبادرة التي انطلقت في أواخر ماي الماضي، شملت المحكمة الإدارية والمحكمة التجارية والمحكمة الابتدائية بجميع أقطابها: الجنحي بمحكمة عين السبع، والمدني بمنطقة آنفا وقضاء الأسرة بعمالة مرس السلطان الفداء ومحكمة الاستئناف بشارع الجيش الملكي، والاستئنافي المدني بالألفة، حيث كلف بكل محكمة ضابط أو ضابط ممتاز بالعملية الأمنية، بمساعدة عدد من عناصر الأمن على رأسهم أحد قياد حراس الأمن، مكلف بالتنسيق العام. وقد تم تعيين هؤلاء بانتقائية خاصة ، حسب ما أفادتنا به بعض المصادر، إذ أخذ بعين الاعتبار جانب حسن المعاملة والصرامة في آن واحد، بالإضافة إلى الكفاءة، حيث أن المنسق العام يتوفر على دبلوم أكاديمي عال. جولة في مختلف ردهات هذه المحاكم، تعطيك انطباعا بأن الأمور قد تغيرت عن السابق. فلخلق جو سليم للمحاكمات وتفادي الاكتظاظ ، الذي كان «الميزة الأساسية» لبعض المحاكم، لم يعد يسمح بالدخول إلا للمتقاضين أو من يحمل نفس أسمائهم كإخوانهم أو آبائهم وأبنائهم، كما ساهمت هذه العملية في إبعاد السماسرة عن مقرات المحاكم، الذين كانوا يتخذونها سوقا حقيقية لابتزاز المتقاضين. على مستوى آخر ساهمت هذه الخطوة في الحد من الفوضى التي كانت تتخلل عملية نقل المعتقلين من المحاكم الى المركب السجني، وتفادي الازدحام الذي كان يحصل في الأبواب، وكذا في قاعات الجلسات مما كان يشوش على السير العادي للمحاكمات. ولضمان الأمن أكثر، تعززت المحاكم بعناصر إضافية من رجال الأمن وبسيارة أخرى لنقل المعتقلين. وإذا كانت شروط / ظروف العمل قد أخذت في التحسن بجل المحاكم البيضاوية، فإن محكمة عين السبع مازالت تشتكي من بعض العوائق، فرغم أن الأمن الخاص بالمحاكم المحدث أخيرا، عمد الى خلق سياج بتعاون مع سلطات المنطقة لتحرير الفضاء القريب من الباب من السماسرة والفوضى التي كانت تعمه، فإن البناية لا تساعد على نهج خطة أمنية فعالة، إذ لايزال بابها يستقبل في آن واحد المتقاضين الأحرار والمتقاضين المعتقلين والمحامين وسيارات نقل المعتقلين، كما أن القاعات جد صغيرة لدرجة أن بعض المتقاضين لا يجدون مكانا لهم مما يجعلهم يتابعون المحاكمة من خارج القاعة. أمن المحاكم ، كما هو معمول به في بلدان أخرى ومنها محاكم القاهرة، أبان في خطوته الأولى بالدار البيضاء عن فعاليته، وبالتالي ، فإنه من المأمول أن يعمم على باقي المحاكم المغربية، خصوصا منها تلك التي تعج بالسماسرة و«الغرباء»!