ضاعت البوصلة السياسية، لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يتبنى شعار "أغراس أغراس"، فهو يمارس المعارضة بطريقة غير مباشرة، رغم أنه يمثل الأغلبية، في حكومة سعد الدين العثماني، تلونه السياسي، وخطابه المتناقض، وهجومه المباشر، على أكبر حليف له، ألا وهو حزب العدالة والتنمية، هذه المنهجية، استغلها المكتب السياسي للحمامة الزرقاء، خاصة أمينه العام، عزيز أخنوش، إلى حملات إنتخابية قبل الأوان، من أجل كسب المزيد من الأصوات، في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، المحلية والتشريعية. فخرجات أخنوش، المعطوبة، والغير المسؤولة، لا محالة، ستؤدي بمشروع حزبه السياسي، إلى فشل محتوم، ولن تمنح لحزب الحمامة، أي تموضع مجتمعي مريح، داخل الحياة السياسية المغربية.
التجمع الوطني للأحرار، لم يعد يمارس الأغلبية، على أرض الواقع، بل أصبح ومنذ تحالفه مع البيجيدي، صارت الصراعات، والتراشقات الكلامية، بينهما واضحة، وصريحة، الأول يطمح للفوز في الانتخابات التشريعية لسنة 2021 ، واحتلال المرتبة الأولى، لإزاحة الثاني، وظفر أخنوش، بكرسي رئاسة الحكومة، فهذه الصراعات السياسية الضيقة، ليست في صالح الأحرار، لأنها بكل وضوح، ستدخله رسميا في نفق مسدود، وستؤدي به إلى مرحلة تيه وجودي.
فالحزب المعني بالأمر، في هذه المقالة، الذي شارك في العديد من الحكومات السابقة، صرح أمينه العام الحالي، في الكثير من ملتقيات، وفعاليات حزبه، أن أداء حكومة بن كيران، وحكومة العثماني الأولى، كان سيئا، في الأقطاب الأساسية، الاقتصادية والاجتماعية، وهدره لزمن الإصلاح، وعجزه الواضح، في استكمال منظومة الإصلاحات المؤسساتية، والهيكلة، التي جاء بها روح دستور 2011 ، والاكتفاء فقط، ببعض الترقيعات، والتدابير المحدودة، في ظل غياب منظومة، ومنهجية شاملة للإصلاح، وافتقاره إلى البعد الإستراتيجي، وإلى المقاربة الإستباقية، لمعالجة الأزمات، وهشاشة الحلول، التي يقدمها.
لاشك، أن تناقضات حزب التجمعيين، تحكمها اعتبارات سياسية تكتيكية، ستبعده من رئاسة الحكومة المستقبلية، لأنه لم يستفيد، من زلاته، و أخطاءه المرتكبة، خاصة أنه لم يفصله، عن الانتخابات البرلمانية القادمة، سوى سنتين، بالإضافة إلى أنه، لم يتمكن من تقديم مقترحات، وحلول سياسية واقعية طيلة مشاركته في الحكومات المتعاقبة، فشهادة ميلاد أخنوش، المعطوبة، الذي فشل في مهامه الوزارية، وبعد قيادته لحزب التجمع الوطني للأحرار، أضر به، و بدأ يستنزف قوته، السياسية والنضالية، بل أنهك قدرته، على ممارسة الأغلبية، أكثر من هذا، عزز الحزب، بوجوه تكنوقراطية، ليست لها، دراية شاملة، بمعالم الحياة السياسية.
إذن، ما الذي حققه حزب التجمع الوطني للأحرار، خلال السنوات الماضية، الذي يقدم نفسه، بطريقة أو بأخرى، بأنه يشكل بديلا سياسيا، وأنه مستعدا لبلورة الحزمات، الإصلاحية المستقبلية، الاجتماعية والاقتصادية، وترجمتها بالملموس، وكما جاء على لسان، عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة السابق، منتقدا عزيز أخنوش، "الجمع بين المال والسلطة، يمثل خطرا على الدولة".