يشير مفهوم الحزب اليساري، إلى ذلك الطيف السياسي، الذي يتبنى بشكل عام، فكرة المساواة والسيادة الشعبية، للمؤسسات السياسية والاقتصادية، علما أن الأشخاص الذين ينتمون لهذا الحزب، يكون فكرهم متشبع بصورة مباشرة، على الإشتراكية0 إبان الاستحقاقات التشريعية لسنة 2016، كانت بعض التخمينات، ترجح فوز فيدرالية اليسار الديمقراطي، ذلك التحالف السياسي، بين ثلاثة أحزاب سياسية مغربية هي، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد، حصولها على 8 مقاعد على الأقل في قبة البرلمان، لكن العكس هو الذي وقع، إذ أظهرت النتائج النهائية، أن الفيدرالية سالفة الذكر، لم تحصد سوى على مقعدين، في اللوائح المحلية، وصفر مقعد في اللوائح الوطنية، التي تصدرتها الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، رغم الدعم الكبير، من لدن، شباب حركة 20 فبراير، وكذلك التعاطف، التي لاقتها، من طرف بعض الفنانين، والمثقفين، و الإعلاميين، هذه الانتخابات، التي تصدرها حزب المصباح، العدالة والتنمية، متبوعا بغريمه حزب التراكتور، الأصالة و المعاصرة0
النتائج، بينت أن الأحلام تبخرت، وأن الأحزاب اليسارية، أخفقت، وحصلت على مراتب متذيلة، في لائحة الأحزاب الحاصلة، على أكبر عدد من الأصوات، فحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يعتبر من الأحزاب المغربية التقليدية، الذي خاض حرب استنزاف طويلة، خلال سنوات الرصاص، والذي كان يصنف ضمن الأحزاب الأولى، والتي يضرب لها ألف حساب، اندحر إلى مؤخرة المشهد السياسي، بعشرين مقعدا، أما حزب التقدم و الاشتراكية، ذلك الحزب، الذي يمارس نشاطه النضالي، من أجل مغرب ديمقراطي حداثي ومتقدم، تسوده العدالة الاجتماعية، والحرية، والكرامة، والمساواة، ويعتبر مؤسسا، لليسار الاشتراكي بالمغرب، والمشارك في حكومة سعد الدين العثماني، بدوره حصل على نتائج متدنية، ب 12 مقعدا0
سؤال يطرح نفسه، ما الذي وقع لليسار المغربي، كي ينحدر إلى قاع المشهد السياسي المغربي، الذي فقد الكثير من قاعدته الشعبية، ويفقد دور المعارضة الشرسة، في الغرفة الأولى، وداخل المؤسسات، كما كان يعمل في الماضي0
في السنوات الطويلة الماضية، ابتعد اليسار عن أسسه الجماهيرية، التي كانت دائما دعما له، لمواجهة الأحزاب السياسية المتنافسة، والوقوف بجانبه في أحلك ظروفه، خاصة في مواجهته سابقا، للدولة، أيام ما يسمى بسنوات الجمر، كحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي فقد الكثير من بريقه السياسي، فالتناحرات الداخلية، ساهمت بشكل كبير في موته البطيئ0
لم يستوعب اليسار المغربي، أن البنيات الاجتماعية، والثقافية، والفكرية، للرأي العام الوطني، قد تبدلت بشكل كبير، بالمقابل مازالت الأحزاب اليسارية، تنهج سياسات قديمة، وتعتمد رؤية، واستراتيجية أكل عليها الدهر وشرب، حيث تعتمد على مشروع سياسي، مرة باسم المحافظة على قيمه، وتارة، الحفاظ على الأصالة والتقاليد المغربية، هذه التناقضات، جعلت خطاباته السياسية، تدور في حلقة فارغة، بسببها، لم يطور منظومته العملية، ولم يستفيد من الدروس السابقة، حيث أضحت، هذه الأحزاب، تلعب المباراة بنفس التشكيلة المنهزمة0