لم تكن لدي نية الكتابة في شان ذلك الوزير حول ما صرح به بخصوص وضعية مدارس باراك أوباما ، لأنه بدا لي الأمر فيه الكثير من العبث ومضيعة للوقت، مسألة مقارنة وضع تعليمي أوصل أصحابه مرتبة قوة عظمى ووضع تعليمي مازال في عصر الطباشير عمق الجهل وكرس الفقر بسبب مناهج تعليمية وسياسية نخبوية لا تهدف التنمية الشاملة بل تنمية الطبقة الحاكمة وإغنائها مع الإبقاء على السواد الأعظم من الشعب في كهوف من العصور الحجرية لا افق لها ولا لأبنائها . فخلال زيارتي لولاية تكساس دخلت (كولين كولدج ) ثانوية بمدينة بلانيو قرب دلاس ، ماذا رأيت بأم عيني ولم يحك لي أحد ، لأن من رأى ليس كمن سمع ، رأيت بناية ضخمة وسط حدائق ومساحات خضراء لا توجد في مدننا المغربية ولو جمعتها برمتها ، أماكن مخصصة لوقوف السيارات بعدد الطلبة أو أكثر ، ولجت البناية وأحسست ببرودة التكييف لأن الجو حار في الخارج ولكن كانت هناك حرارة الإنسان الأمريكي ، كراسي وثيرة لجلوس الطلبة في بهو الإدارة المنظمة أحسن تنظيم ، تذكرت أيام كنت طالبا وصراع أيام التسجيل في الكلية والحي الجامعي حيث كنا نمضي ليال في الصف حتى لا يفوتنا دورنا وتغلق في وجوهنا كل منافذ الإدارة التي لا تفتح الحوار بل فكرت في إدخال الزرواطة للجامعة( الأواكس ) ، وهنا في أمريكا التي يقول عنها الوفا أن أوباما "باباه" لا يملك مثل مدارس المغرب ، صحيح لا يملك مثل تلك المدارس التي تنتمي للعصر الحجري ، فالمدارس في أمريكا - ايها الوزير من الوزر ، لأنك وزر علينا ، في كل شيء وحتى في تصريحك الذي لو علم به أوباما لطالب باستقالتك فورا لأن ذلك يمس بالتعليم الأمريكي - عبارة عن فسحة ونزهة في كل أرجائها ، المكتبة مجهزة بكل وسائل التقنية والبشرية ما عليك سوى المطالعة في جو من الهدوء والسكينة حيث العلم يتدفق كشلال لمن أراد للعلم موردا . والمرافق الرياضية بكل أنواعها ما عليك إن تمارس الهواية الرياضية التي ترغب فيها أنت وعائلتك ، لا موانع كما عندنا الكل يستفيد وبثمن رمزي وبخدمة وجودة عالية مع لمسة إنسانية راقية لا تشم فيها الحقد والكراهية التي عند بعض البشر عندنا من موظفين ومسؤولين الذين يقدمون الخدمة الإدارية بتحسيسك بأنهم يقومون بذلك رغما عنهم أو يخدمونك جودا منهم وليس واجبا، إن المقارنة بين أمريكا والمغرب لا تجوز لأن كل العالمين مختلفين فالسقوط في تلك المقارنة لا يمكن الخروج منها بسهولة لأنها مقارنة بين ما لا يقارن . فالتسجيل مثلا في الثانوية أو الجامعة الأمريكية عبر الأنترنيت ولك ايها الطالب الذي يدرس بمدارس أمريكا أن تختار أنت استعمال الزمن والمواد التي تود دراستها والأستاذ الذي تريد أن تدرس على يديه قبل أن تطلع على تعليقات وأراء الطلبة السابقين عن مدى جدية واستقامة الأستاذ في بوابة الثانوية ،أما عن مرافق الثانوية فيحار العقل المغربي لأنه مسكين لم ير في بلاده إلا القهر والفاقة لأن أمثال الوفا أرادوا لنا أن ندرس في حجرات لا تتلاءم مع تقلبات الجو في الصف قيض وفي البرد قر، لا وجود لوسائل التعليم البتة حتى الطباشير عليك أن تشتريه للمعلم ، نحن مازلنا في عصر الطباشير ونحن أمة نزل فيها القرآن يا للمفارقة التي نزلت بنا للحضيض بسبب أمثال هؤلاء الذين يعتبرون أنهم مسكوا بدواليب الحكم فسلطوا علينا جهلهم ليعم مدارسنا وتعليمنا . من العبث المقارنة بين عصرين متباعدين ، عصر مغربي مازال في القرن الخامس عشر الميلادي مع كثير من المبالغة حتى لا نقول العصر الحجري لأن بعض المناطق المغربية مازالت تعيش ذلك العصر وبالدلائل والبراهين التاريخية كالقبائل الرحل التي تعيش في الشرق المغربي في المغارات ، والكل شاهد ذلك في برنامج "أمودو" الذي تبثه القناة الأولى ، هذا دون ذكر مدن القصدير التي هي عبارة عن حياة إنسانية خارج التصنيف التاريخي ، والعصر الأمريكي الحديث الذي يستعمل كل الوسائل التقنية وأحدث ما توصل اليه العقل البشري من ابتكارات واختراعات ، ليت للوفا أن يخجل ولكن من لا يستحي فيقل ما يشاء ، ليته قارن مدارسنا بالمدارس الهندية أو البنغالية لربما مرت المقارنة دون هذه الضجة ، أم اراد الوزير أن يلتفت اليه الراي العام ، عله يحجب الشمس بالغربال عن مشاكل التعليم ببلادنا التي شملت كل شيء البنيات ، التأطير ، المناهج، ؟ شتان بين العالم الأمريكي الشاسع في كل شيء في أفقه العلمي وطرقاته وبناياته وقبل كل شيء في تربية إنسانه الذي يعبر عنها في سلوكه اليومي واحترامه لأخر وابتسامته التي تفارقه أينما حل وارتحل ، فالصورة المغلوطة للأمريكي في الذهن العربي التي تصوره أنه مازال في عصر "الكويبوي" صورة مغلوطة بالأساس ، لأن أمريكا لم يكن لها أن تصل لذلك التطور والتقدم لو كانت مازالت همجية كما يتصورها العقل العربي الذي مازال لم تتمثل لديه بعد كروية الأرض بل مازال الجهل يغطي أكبر مساحة في العالم العربي والدليل هو مثل هذا التصريح الذي جاء به مسؤول سياسي وعضو حزب يقال عنه أنه عتيد. ليس عيبا أن يعلم السيد الوزير أن مرحاضا عموميا في حديقة عمومية أو مساحة خضراء لأي من المدن في تكساس التي زرت بعضها أنقى وأنظف من أغلب مدارسنا ،وهذا واقع لا يقبل الدحض ، لأنهم عملوا بجد وتم احترام المواطن الأمريكي لأنه أسس دموقراطية مهما قيل عنها فهي على الأقل لا تهين الإنسان مهما كان وضعه الاقتصادي والاجتماعي والعرقي والديني ، ففي أمريكا لا تسأل هل أنت فاسي أو عروبي؟ وهل أنت صهر علال الفاسي أو قدور الورطاسي؟ .