اجتاحت ظاهرة التحرش لاسيما في صفوف "المحجبات" الشارع المغربي، وأصبحت بمثابة كابوس يطارد المغربيات، في سابقة لم يعهدها المجتمع المغربي المعروف بالتزامه ومحافظته، ما خلف خوفاً عند مَنْ ترتدي الحجاب من الطالبات والموظفات. ويأتي انتشار معدلات التحرش بالمحجبات في المغرب على خلفية ازدياد معدلات الحجاب، رغم كونه أحد المحظورات المسكوت عنها والتي لا تجرؤ المغربية المحجبة على البوح به، خوفاً من الفضيحة والعار اللذين سيلحقان بها، ما حول الشارع المغربي إلى ساحة حرب أخلاقية نفسية مفتوحة بمختلف أشكالها سواء بالتلميح أو التعريض أو التجسيد الفعلي، ما عكس عمّق وجوهر الأزمة في المجتمع المغربي. ازدياد القيود الدينية وفي حديثها ل"العربية.نت"، عزت كريمة الودغيري، الباحثة في علم الاجتماع، انتشار هذا النوع من التحرشات في صفوف المحجبات إلى ازدياد القيود الدينية الناجمة عن انتشار المظاهر الدينية كإطلاق اللحى والحجاب والنقاب أو ما يصطلح عليه "اللباس الأفغاني" بالشارع المغربي. وأضافت الودغيري: "القيود الدينية تخلق نوعاً من الهياج لدى الشباب يتنوع ما بين الكبت والتزمت والانفصال التام، مشيرة إلى أن منع الاختلاط بين النساء والرجال عند بعض المتزمتين يولد هذا الشعور ويتحول من خلاله "المتدين المقيد" إلى متحرش لا يفرق بين محجبة وغيرها، الأهم عنده إرضاء رغباته حتى لو بالتلميح، على حد تعبيرها. واستطردت الباحثة في القول: "ما يجري في مجتمعنا المغربي من تحرشات بالمحجبات لا يمكن وصفه بالظاهرة، لكن لا يمكن إنكار وجود حالات تتعرض لهذا النوع من المضايقات اللاخلاقية وغير القانونية بشكل شبه يومي". قلق شخصي وفي ذات السياق عبّرت أسماء رزقي (طالبة محجبة) عن أسفها مما تشهده من تحرشات يومية بكلام يخدش حياءها وألفاظ نائية وسط الحرم الجامعي تطالها وزميلاتها. واعتبرت أن "المحجبة" أصبحت أكثر عرضة للتحرش، وتغري الرجل المغربي أكثر من المتبرجة، كاشفة أنها أصبحت قلقة على أمنها الشخصي مخافة أن يتحول التلميح والتعريض إلى تحرش جنسي. وأضافت رزقي "أن أشكال التحرش بالمحجبات تتنوع ما بين التحرش اللفظي من خلال المعاكسات الجارحة التي تتغزل في جسد الأنثى سواء في الحرم الجامعي أو الشارع، ثم يأتي اللمس والاحتكاك في وسائل المواصلات العامة. أما في مكاتب العمل فإن أكثر أشكال التحرش شيوعاً هو دعوة المرأة بشكل متكرر إلى الخروج لتناول الغذاء أو الذهاب إلى السينما، حسب ما تتناقله الطالبات خلال نقاشاتهن حول هذا النوع من المضايقات. هذا وقررت أسماء وزميلاتها إطلاق حملة إلكترونية على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" احتجاجاً على الممارسات اللاخلاقية التي تطالهن بسبب التحرش تحت شعار (ماتقيسش حجابي) أي "لا تقرب حجابي".