إن التجربة الديقراطية ببلادنا لا تزالُ غضّة لم يشتدّ عُودها بعد ، و أحزابنا السياسية هي الاخرى تبدي ضعفا يطرح اكثر من تساؤل . فالساحة السياسية ببلادنا تعج بتشكيلات حزبية يسارية و اخرى يمينية محافظة و حداثية ، اضافة الى احزاب اخرى لا يمكن تصنيفها لعدم وضوح ايديولوجيتها او لارتباطها بظروف أفرزتها . لكن ما يلاحظ هو ان العمل السياسي يشهد حالة عزوف كبرى أكّد بمالا يدع أيّ مجال للشك عدم اهتمام المواطن المغربي بالشأن السياسي وخصوصا الشباب منهم ، زد على ذلك أنّ معظم الأحزاب لازالوا يصرون على انتاج نفس الممارسات البرغماتية الخالية من أي مشروع والفاقدة لكل مشروعية . و ما يزيد الأمر إزعاجا أن الخطاب السياسي لم يتطوّر بعد ، و لازال عاجزا عن التأثير الشعبي بعد أن انحصر حضوره في المواعيد السياسية والاستحقاقات الانتخابية، دون أن يقدم أية مساهمة جدية في النقاش السياسي البناء أو في صياغة البدائل السياسية بمشاريع وبرامج واضحة وأفكار جديدة قابلة للتجسيد. لكن الرهان اليوم الذي ينبغي ان يشد انتباه الاحزاب اليوم، ، هو كيف يمكن اليوم أن نجعل المواطن مُقْتَنِعاً بجدوى وأهمية هذه الأحزاب ؟ لقد أظهرت الأحداث الأخيرة التي شهدتها مجموعة من المدن و الاحتجاجات، أنّ الأحزاب السياسية لازالت غائبة، إذ بدت في خضمّ كل هذه الأحداث غير مؤثرة، ومنفصلة تمامًا عن واقع الشارع و المجتمع بشكل عام و هموم المواطن بشكل خاص . و هو ما يستدعي اعادة بناء الثقة بين الاحزاب و المواطن ؛ لكي يتسنى لها ترجمة افكارها على أرض الواقع وتحويل شعاراتها الرنانة الى سلوك وممارسة عملية يتلمسها المواطن في مناحي حياته الاجتماعية و الاقتصادية …الخ .
و ذلك لإعطاء نفس جديد و ملامح جديدة للحياة الحزبية في بلادنا اليوم ؛ و لتساهم مساهمة فعالة في انقاذ البلاد من الوضع الاجتماعي و الاقتصاد المزري . و طبعا هذا لن يتحقق إلا إذا كانت هناك إرادة للتغيير من طرف الجميع ، و مؤسسات مستقلة و غير متحكم فيها عن بعد من أي جهة كانت ، و دولة مذنية تستوعب الجميع ، و قادرة على تحقيق الدمقراطية و تستطيع أن تضمن لكل مواطن المساواة و العدالة و حقوقه و كرامته و حريته المقدسة .