إنه مزيج من الرعب والخوف الفزع، هو كابوس أسود يلاحق ميليشيات البوليساريو الإنفصالية، و يدفعها إلى تمديد أمد النزاع أطول مدة ممكنة، فيقينهم من أن الإنخراط الجدي للمغرب في المسار الديبلوماسي، و الأممي من أجل تدبير سلمي لملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مهما كانت النتيجة السلمية التي سوف تفرج عنها مجريات التفاوض، إلا أنه لا مفر في النهاية من الخيار العسكري للحسم، لأنه حتى، و إن توصل أطراف النزاع إلى حل ديبلوماسي متوافق عليه ،و ذلك مستبعد .لكون قوى مستفيدة و أخرى متخوفة تحاول جاهدة الحفاظ على توازن الرعب بمنطقة شمال إفريقيا، و هي تعمل لكي لا يحل المشكل بشكل نهائي . فإن الجزائر و المغرب لن يقبلا بإحتضان مايسمى "الجيش_الإنفصالي" لأنه لا توجد دولة في هذا الكون تسمح للمئات من العناصر الإجرامية الإنفصالية المدربة على حرب العصابات في كوبا بأن تذوب وسط البنية المجتمعية و تكون خلايا إرهابية داخل النسيج الوطني قد تفجر حرب أهلية في أي وقت ،هنا يطرح تساؤل مهم. ما هو مصير الميليشيات المسلحة الإنفصالية بعد أن تتم عملية الإفراغ المدني لمخيمات تندوف داخل الأقاليم الجنوبية المغربية ؟ هنا نجد أن العديد من التقارير السرية لأجزهة إستخباراتية غربية تنشط في منطقة الساحل و الصحراء، تحذر من أن البوليساريو يمارس نشاطات محظروة ضمن شبكة دولية للإتجار بالمخدرات و السلاح و البشر ،تعمل هذه الشبكة بالتنسيق مع جماعات إرهابية تنشط فيما يسمى بالمربع الأسود. مما يكشف البنية الإديولوجية الحقيقية للبوليساريو، و يقطع الطريق أمام المسلحين الإنفصاليين في الإندماج داخل أي مؤسسة عسكرية تعتبر طرفا في النزاع.
فهل سوف يتم إدماجهم داخل الجيش الجزائري ! ذلك مستبعد لأن الجزائر تعلم جيدا ،أن الإيديولوجيا الفاسدة التي بنيت عليها عقيدة المقاتلين الإنفصاليين، سوف تهدد تماسك مؤسستها العسكرية التي تعيش في الأصل صراع أجنحة، و أن من خان وطنه الأصلي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحول إلى مدافع شريف عن وطن آخر . مما سوف يدفع بالمليليشيات الإنفصالية إلى التعامل بوجههم الحقيقي كمرتزقة إرهابيين بصفة مباشرة ،و التحول من حركة إنفصالية إلى جماعات مسلحة متفرقة في الصحراء تهدد بأنشطتها الإرهابية دول المنطقة، و على رأسها الجزائر التي إستعبدتهم داخل المخيمات و غررت بهم و إستباحت إنسانيتهم وتاجرت بشرفهم لأزيد من أربعة عقود . ألن يدفع بهم ذلك إلى الإنتقام منها .؟ إن ردة الفعل هذه تعتبر من الأشياء المسلمة و الأكيدة التي تستوعبها المنظومة الدولية و التي بدأت تفكر في الترتيب للقيام بتدخل عسكري في التراب الجزائري للقضاء على إرهاب البوليساريو مباشرة بعد نهاية النزاع المفتعل حول الصحراء لا سيما و أن الضربة الإستخباراتية المغربية القاضية كانت تلك التي كشفت تواجد عناصر من حزب الله تعمل إلى جانب المقاتلين الإنفصاليين بالصحراء على حفر أنفاق تخترق الجدار الأمني الدفاعي على شاكلة أنفاق حزب الله في مزارع شبعا و حماس مع إسرائيل . و إكشاف هذا المخطط فضح التغلغل الإيراني داخل المنطقة مما دفع بالولايات المتحدة و الدول الغربية إلى البدأ في وضع خطط و إستراتيجيات لحماية مصالحهم في المنطقة كونها تشكل بوابة للإتحاد الأوروبي و أن أي أزمة إنسانية في المنطقة سوف تتحول إلى منبع لموجات ضخمة من الهجرة السرية تماما مثل ماوق بين تركيا و اليونان و بين ليبيا و إيطاليا، و هو ما يشكل فزاعة للإتحاد الأوروبي، و يدفعه إلى السعي إلى محاربة الإرهاب في المنطقة ،مثل التواجد العسكري الفرنسي في مالي . وقد ظهر ذلك جليا في الضغط الذي يمارسه مستشار الرئاسة الأمريكي داخل البيت الأبيض و الكونغرس على أطراف النزاع من جهة عبر حثهم على الإنخراط الجدي في دينامية أممية جديدة و و من جهة أخرى دفعه المنطقة إلى المزيد من التوتر .تحظيرا لخطط و عمليات وقائية على المدى المتوسط و البعيد . كل هذه القراءات لم تغب عن وعي الإنفصاليين المسلحين، بل و تؤكد لهم المصير الأسود الذي ينتظرهم مما يدفع بهم إلى العمل الحثيث على إطالة أمد النزاع أطول مدة ممكنة، تأجيلا لموت محتوم .و نهج تكتيك إستراتيجي يقوم على "لا حرب و لا سلام "