تصاعدت وثيرة الاحتجاجات المتلاحقة في كل الأقطار العربية و الإسلامية, ضد الفيلم المسيء للرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة و السلام , و كما لم يحدث من قبل و بهذا الشكل و الحجم , فان السفارات الأمريكية خاصة و الأجنبية عامة , أصبحت مهددة في كل الدول , حتى تلك التي تعد حليفة قوية للغرب , و خاصة بعد مقتل أعضاء من القنصلية الأمريكية في بنغازي الليبية , و على رأسهم السفير نفسه. تتبعت كأغلب المسلمين و العرب , بل و العالم , المشهد من خلال ما تبثه وسائل الإعلام بمختلف أنواعها,غير ذات كبير المصداقية عندي, بين من يتحدث عن فيلم بورنوغرافي مسيء للرسول محمد و صحابته و آل بيته خاصة من أمهات المؤمنين رضي الله عنهم جميعا , ومن يتحدث عن تمويل إسرائيلي أمريكي ضخم لتشويه الإسلام , و آخر يتحدث عن تحالف قبطي مسيحي عامة ضد الإسلام , و ما إلى ذلك من غلو نظرية المؤامرة و جعل الحبة قبة بل جبلا , دفعني حب المعرفة و بناء الصورة الشخصية دون أن يحجر على فكري احد فأكون صورة دفعني إليها غيري , بحثت عن الفيلم في مختلف المواقع الالكترونية العالمية المهتمة بالموضوع فلم أجد فيلما و أغلب الظن أنه لا يوجد أصلا , سواء لم يصور من الأصل أم انه غير متوفر في الساحة العالمية , و ما وجدت إلا دقائق معدودات تتجاوز الربع ساعة بقليل , تعلن للفيلم بلقطات و مشاهد منه , ربما تكون هي الوحيدة التي صورت . لا اخفي عنكم أن شبه الفيلم أصابني بالضحك , و صدقوني أنني لم أجد فيه إساءة إلا لصاحبه و لفكره و نهجه على كافة المستويات و الأصعدة ' و ليصدق عدو الله كلام الله (إنا كفيناك المستهزئين), مشاهد تركيبية اقل من الهواية مصورة على ما يبدو عن طريق الشاشة الزرقاء( بلو سكرين) و ألصقت بها مشاهد الأمكنة خاصة الصحراء بابتذال و سوء كبير , في غياب ابسط التقنيات و المعارف , و الله إني لأجد تلاميذ الابتدائي ممن ينتجون أفلام تصويرية بكاميرات هاوية أجود بمراحل من هذا الهراء , فأين هو التمويل الأمريكي الإسرائيلي , و أين هو التحالف القبطي و أين و أين؟؟؟؟؟ فيلم حقير شكلا و مضمونا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسمي مركبه مخرجا أو ممثلوه ممثلون, ماكياج يبعث على الضحك و محتوى فارغ يحاول عبثا تصوير سيد الخلق دمويا نسوانيا بطريقة تعكس السحر على الساحر, و لا أتصور أن أحدا كان سيلتفت إليه لولا الضجة الكبيرة التي أحدثها منتقدوه. لنعد إلى عالمنا العربي و الإسلامي الذي فرط في معظمه بالحد الأدنى من دينه و من حبه لنبيه الأمين عليه أفضل الصلاة و السلام , و الواقع يشهد إساءات للدين و النبي منا نحن معاشر المسلمين ربما أكثر من غيرنا, فلما جاء الفيلم خرج المئات من تاركي الصلاة و سابي الرب و السافرات و النامصات و المرابين و التاركين لشرع الله شكلا و مضمون , يدعون دفاعا عن النبي المنصور من فوق سبع سماوات, فلو أحبوه لاتبعوه و لو اتبعوه لانتصروا هم قبل أن يدعوا نصرته, و ما كانت النصرة أبدا بتدمير الأوطان و ترويع الآمنين بتكسير الزجاج و السيارات و الأملاك العامة و الخاصة حتى يتمنى الرويبضة عودة الدكتاتوريات البائدة طلبا للأمن المزيف الذي كانوا يوفرونه تحت حد السيف, حقيقة أن الأحداث التخريبية التي وقعت في العالم العربي و الإسلامي جاءت نتيجة تحريض من أعداء الأوطان المتربصون بأمنه , لكن هذا لا يمنع إدانة بدرجات مختلفة حسب المناطق لمختلف الشرائح المندفعة تحت وقع العاطفة و سوء التقدير, كذلك لا يمكن ان نفوت إدانة بدرجة كبيرة للحكومات التي لم تبادر إلى اتخاذ موقف حاسم حتى تحس الشعوب أن حكوماتها تقف في صفها و ليست مغردة خارج السرب كعادتها, و حتى مع التوتر الكبير لازالت هذه الحكومات تتصرف برعونة قامعة شعبها بدل أن تتخذ خطوات عملية تلجم العنف المستشري في العالم العربي و الذي سببه الكبت الدفين حقدا على النظام العالمي بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تستحق فعلا هذا الحقد و الغل و الذي دعا الشعوب إلى التربص بها و بمواطنيها ريب المنون. إن الدماء التي تسيل في سوريا و في فلسطين و أفغانستان و الشيشان و أقطار إسلامية عدة لأشد مدعاة للقيام نصرة لهم , و أما الهادي الأمين فثريا في السماء فما يفعل تلويث مياه انعكست فيه صورة الثريا, و النصرة الحقيقية وجب إن تكون بالالتزام يشرع الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم , و بناء الأمة بالعلم و العمل , وان كان و لا بد من التظاهر فبنقل صورة رقي الإسلام و حضارته, و صدقوني اذا قلت إن بعض المتظاهرين لنصرة رسول الله أساؤوا لدين الله و لرسول الله أكثر مما أساءت إليه خزعبلة "براءة المسلمين" , و التي لم تسئ اليه أصلا بل أساءت للمسلمين التي جعلت لاشيئيا من خنازير البشر يتجرا على المسلمين و نبيهم خير خلق الله و سيدهم , بسبب استكانتهم و ضعفهم و غثائهم الذي جعل الأمم تتداعى عليهم. استيقظوا رحمكم الله فالمرحلة خطيرة و الشأن عظيم و الخطر محدق, فسددوا و قاربوا و احسبوا الربح و الخسارة, و اعملوا دهرا و قولوا صبرا, و الخير قادم بشائره تلوح في الأفق فلا تضيعوا علينا جميعا الفرصة, و فداك أبي و أمي و نفسي و الناس جميعا يا حبيبي يا رسول الله تكون بالقول و يصدقها العمل على طريقة و نهج الحبيب لا على طريقة و نهج الهوى , أخيرا اهمس إلى علماء الأمة في كل التخصصات إن لم تظهروا اليوم فلا حاجة لنا بكم بعده, و اهمس الى الحكومات و الأنظمة احذروا فالشعب هب فإما الى جانبهم و إما فالخبر تدرونه.