عادت شركات النفط العالمية إلى روسيا بقوة في وقت تضطرب فيه أوضاع الشرق الأوسط وتزداد المخاوف إزاء مستقبل إمدادات الطاقة من المنطقة. وخلال فترة قصيرة استطاعت روسيا التوصل إلى عدة اتفاقيات للاستكشاف وللمشاركة في الإنتاج كان التوصل إليها يعتبر صعبا قبل سنوات. وتنتج روسيا حاليا نحو 13% من مجمل إنتاج العالم من النفط. وقالت إن إنتاجها الشهر الماضي وصل إلى 10.23 ملايين برميل يوميا لتثبت مركزها كأكبر منتج في العالم، بزيادة 1.5% عن نفس الشهر من العام الماضي. كما تنتج روسيا خمس إنتاج العالم من الغاز. وكان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين تعهد بإبقاء إنتاج روسيا من النفط فوق عشرة ملايين برميل يوميا لعقد كامل على الأقل. وقد فتحت روسيا الباب على مصراعيه للشركات الأجنبية مؤخرا للاستثمار في قطاع الطاقة. وتنظر الحكومة إلى وجود هذه الشركات على أنه ضروري للنمو الاقتصادي بالبلاد. قبلة صفقات الطاقة ويقول كريس ويفر كبير إستراتيجيي أورال سيب بنك في موسكو "إن روسيا أصبحت قبلة صفقات الطاقة" موضحا أنها أضحت منفتحة فيما يتعلق بالأعمال كما أنه أصبح لديها قواعد استثمار واضحة. يضاف إلى ذلك أنها تتمتع بالأمان أكثر من دول أخرى غنية بالطاقة. وقد بارك بوتين بنفسه اتفاقية ضخمة بين بريتش بتروليوم وروس نفط تم التوصل إليها في يناير/ كانون الثاني الماضي للتنقيب عن النفط في الجرف القاري لسيبيريا. وفي نفس الشهر وقعت الشركة الروسية اتفاقية مع إكسون موبل الأميركية للتنقيب في البحر الأسود. وفي الثاني من مارس/ آذار الجاري قامت شركة توتال الفرنسية بتملك حصة مقابل 12% من أسهم شركة نوفاتيك المنتجة للنفط. ويقول كريستوف دو مارجيري، وهو الرئيس التنفيذي لتوتال، إن الاضطرابات التي تجري في الدول المنتجة للنفط والغاز تدفع المستثمرين إلى الذهاب إلى روسيا التي توفر مناخا آمنا للاستثمار، وهو وضع يختلف عما كانت عليه البلاد السنوات الماضية. وعندما كان بوتين رئيسا لروسيا قاد حملة لكي تسيطر شركتا النفط والغاز (روس نفط وغاز بروم) على الحصص الأجنبية في موارد البلاد الهيدروكربونية. ويقول المحلل بمركز كارنيغي في موسكو نيكولاي بيتروف إن الشركات الغربية عادت لتمتلك حصصا صغيرة في مشروعات تملك أغلبيتها الشركات الروسية. ويضيف أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الشركات الأجنبية من خلالها الاستثمار في روسيا لكن في المقابل تتمتع بقواعد محددة تضمن الأمان لاستثماراتها. وتستهدف هذه الإستراتيجية ليس فقط مساعدة روسيا في تطوير حقول يصعب الوصول إليها لكنها تحسن أيضا صورة الشركات الحكومية الروسية. ويبدو أن اهتمام الحكومة بدأ ينصب على هذه الأهداف. وتقول هيئة مكافحة الاحتكار إنه سيتم إعطاء مرونة أكثر لقواعد تملك الأجانب ليصبحوا قادرين على تملك 25% من "الأصول الإستراتيجية" دون الحاجة لموافقة حكومية. وبالمقارنة تصل النسبة حاليا إلى 10% فقط. ويقول بيتروف إن هذا الاتجاه يعكس إستراتيجية أكثر مرونة وحرية تتبعها الحكومة، كما يعكس السيطرة التي لا زالت الحكومة تتمتع بها على الصفقات الكبرى. ويقول ألفا بنك في مذكرة بحثية "إن الجاذبية التي يتمتع بها الموارد الروسية تتفوق على المخاطر التي قد تحيط بالاستثمارات فيها".