حين تأخذنا الغيرة على الوطن إلى أقصى مدى و نتحدث عن الفساد المستشري هنا و هناك لابد أن نتطرق إلى نوع آخر من الفساد يدخل جميع البيوت بدون استإذان ، و يفرض نفسه على الكبير و الصغير ، إنه فساد الإعلام . الحديث هنا متشعب و غامض إذ لا يخفى عليكم أن الإعلام دوما ما يكون مسخرا لخدمة أجندة معينة فهو إما وسيلة من وسائل الدعاية للنظام أو أداة لتدجين المجتمع و بث ثقافة معينة فيه حين نلاحظ مثلا أن القناة الثانية تمعن في الميوعة من خلال برامج "ترفيهية" في منتهى التفاهة و تبث من اللقطات ما لا يلائم البيت المغربي و هي التي تمول من جيوب دافعي الضرائب و لا أحد من نواب الأمة أو لا مسؤول في الوزارة الوصية يحرك ساكنا ، و حتى الهاكا لم تتدخل و اكتفت بمراسلة القناة في بخصوص اللباس الذي ظهرت به إحدى التافهات على الشاشة . و حتى الجمعيات المدنية و جمعيات حماية المستهلك لم نسمع لها صوتا . في المقابل نجد أن الدنيا قامت و لم تقعد لأن شيخا قال أن احتمال إصابة المرأة لسرطان الرحم كبير إذا ما كانت تعاشر الرجال و هو يقصد فئة معينة من النساء و هذه المسألة مثبتة علميا . ظاهرة أخرى إن صح التعبير حول برنامج يبث على إحدى الإذاعات يتطرق لمواضيع جنسية بمنتهى الإسفاف . البرنامج يستهدف الشباب بالأساس لكن عِوَض أن يكون أداة للتربية الجنسية فهو فضاء للتشجيع على العلاقة الغير شرعية و للحديث عن المغامرات المحرمة ... كما أن مقدمه يتحدث بلغة وضيعة غير أخلاقية متوجها إلى فئة حساسة غير محصنة . أقول هذا الكلام لأن دور الإعلام خطير جدا في توجيه الرأي العام و نحن و إن كنّا نعاني أزمة أخلاق و تربية في المجتمع فنحن في غنى عما يزيد حدتها . إن هامش ما هو جدي و تربوي في الإعلام المحلي ضيق جدا لصالح كل ما هو رقص و غناء و فنون الخلاعة ، فهل نحن أمام تمييع مقصود للمشهد الإعلامي الوطني يقصد به تخدير و إلهاء الرأي العام عن القضايا الحقيقية للبلاد ؟ هل نحن بخير كي تصبح قنواتنا و إذاعاتنا التي تمول من جيوب دافعي الضرائب أشبه بالعلب الليلية .