الدار البيضاء .. أمسية موسيقية احتفاء برأس السنة الأمازيغية الجديدة    ندوة بكلميم تبرز الأبعاد التاريخية والروحية لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    موظفو الجماعات الترابية يطالبون بإنهاء التمييز وإقرار نظام أساسي عادل    مدير عام سابق بمؤسسة العمران بالجهة الشرقية و4 آخرون في السجن بتهمة الاختلاس    أخنوش يقوم بزيارة لمعرض الصناعة التقليدية لأكادير إداوتنان    الإصلاح الضريبي يرفع الموارد الجبائية إلى 299 مليار درهم في 2024    النفط قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر مع تقييم تأثير العقوبات على روسيا    ترامب: اتفاق بشأن غزة قد يكتمل بحلول نهاية الأسبوع    ترامب: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى أصبح قريبا    "الجولة الأخيرة" من مباحثات وقف إطلاق النار في غزة تبدأ الثلاثاء في قطر    أنفوغرافيك | حقائق لا تريد إسرائيل أن نسمعها    ريال مدريد يُواجه اتهاماً خطيراً في واقعة إهانة البرازيلي فينيسيوس    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    مؤشر تأثير مدارس الريادة على جودة التعليم يضع المغرب في مراتب متقدمة عالميا    الناظور.. AMDH تفضح تلاعبات في مواعيد الفيزا الإسبانية وتطالب بتدخل عاجل    وزير العدل يكشف آخر مستجدات تطبيق قانون العقوبات البديلة في المغرب    من هو نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية المكلف بتشكيل الحكومة في لبنان؟    الصين: التجارة الخارجية تسجل رقما قياسيا في 2024    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف العملات الأجنبية    الحكم على أيت مهدي رئيس تنسيقية ضحايا الزلزال بثلاثة أشهر نافذة    كيوسك القناة | تأجيل مناقشة مقترحات تعديل مدونة الأسرة بالبرلمان    غوارديولا: قائد مانشستر سيتي يقترب من الرحيل    ملاكمة.. اعتزال بطل العالم السابق في الوزن الثقيل تايسون فيوري    بايدن: إعادة إعمار لوس أنجلوس ستكلف عشرات مليارات الدولارات    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    شراكة استراتيجية لتعزيز خدمات الوقاية المدنية بعمالة طنجة أصيلة    تدريس اللغة الأمازيغية.. تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي بالتخصص المزدوج    محاكمة محمد أبركان: غيابات مثيرة للجدل وشهادات طبية تحت المجهر    هيئة المحامين بالرباط تثمن الثقافة الأمازيغية في احتفالية "إيض يناير"    صور أكراد "قسد" مع البوليساريو.. النظام الجزائري في مرمى الاتهام وتناقضاته تكشف نواياه الحقيقية تجاه أنقرة    التوتر السياسي بين فرنسا والجزائر : اتهامات و تصعيد دبلوماسي    قافلة الأكاديمية الدولية للتراث الثقافي اللامادي تحل بالحسيمة    لقجع: الزيادة في ثمن غاز البوتان غير مطروحة على طاولة الحكومة    الوداد يؤكد التعاقد مع فهد موفي    نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %    الكتاب الأمازيغي: زخم في الإنتاج ومحدودية في الانتشار نسبة النشر بالأمازيغية لا تتعدى 1 %    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    مراجعة اللوائح الانتخابية العامة : إمكانية التأكد من التسجيل في هذه اللوائح قبل 17 يناير الجاري    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لتضخم.. عنوان النجاحات الزائفة
نشر في أخبارنا يوم 25 - 12 - 2017

يعد التضخم من أهم تجليات الأزمة الاقتصادية التي قد تعرفها أي دولة. وهو ظاهرة تعكس لجوء البنك المركزي في أي دولة إلى إصدار أوراق نقدية بدون تحصيل ما يقابلها من إنتاج، مما يؤدي ارتفاع العرض على الطلب، فيختل توازن السوق، فترتفع الأسعار، فتنكسر القدرة الشرائية للمواطنين، ثم تنفجر الاضطرابات الاجتماعية إلى أن ينفرط عقد الاستقرار السياسي والسلم الأهلي.
هو مرض اقتصادي فتاك ومقياس مفيد لمعرفة درجة العافية الاقتصادية في أي دولة من دول العالم. ولذلك نجد أن من أهم رهانات السياسات الاقتصادية والمالية في مختلف دول العالم تقليص معدل التضخم بالعمل على إحداث القيمة المضافة التي تعكس الإنتاج.
ويحتفظ مفهوم التضخم بمغزى أعمق ودلالات اجتماعية أقوى؛ إذ إن "إصدار سيولة نقدية بدون توفير غطاء إنتاجي لها" هو تعبير عن الزيف والزور والغش والانتحال والتظاهر. وهي كلها أمراض اجتماعية تستفحل - للأسف- في أوساط مجتمعنا، بل عليها ندندن في كل أحاديثنا.
فمعيشنا اليومي يثبت أن هناك موظفين لا يذهبون إلى مقر العمل في الوقت المحدد ولا يقومون بوظيفتهم كما ينبغي ولا يبذلون جهدا لتقديم الخدمات المطلوبة، ومع ذلك، يتلقفون راتبهم الشهري بدون أدنى حرج وبدون تأنيب الضمير. إنه "التضخم" في أوضح الصور، أن تأخذ ما لا تستحق.
وسياستنا المحلية والوطنية تنبئنا كل يوم أن العديد من المنتخبين، في كل المستويات، يديرون الظهر للمهام التي انتُدبوا لها ويسعون في مقابل ذلك وراء مشاريعهم الشخصية وصناعة "جاههم" ولا يجتهدون البتة للإتيان بحلول مفيدة لمشاكل المواطنين. إنه "التضخم" في أبهى الحلل، أن تُدعى "مسؤولا" وأنت لست في مستوى "المسؤولية".
ومدارسنا وجامعاتنا تشهد كل يوم غياب الأساتذة عن الفصل وشيوع التكاسل في الإعداد للحصص وفقدان الجدية في التعاطي مع الدروس وسيادة التقليد والتكرار والاجترار والاكتفاء بمخزون الذاكرة الذي علاه الغبار. إنه "التضخم" في أجلى التجليات، أن تحمل صفة "أستاذ"، بل "أستاذ جامعي"، وأنت غارق في الكسل والخمول.
وحياتنا اليومية تسجل أن العديد من الأشخاص يرتقون مهنيا وسياسيا واجتماعيا بدون أدنى استحقاق، فمنهم من يشتري الشهادات والدبلومات لإثبات مستوى مفقود ومنهم من يشتري الأطاريح والرسائل العلمية بدون حرج، وتجد فيهم من يذهب إلى الجماعة/البرلمان/الحكومة بواسطة شراء الأصوات، وتلفي فيهم من يقتعد مقاعد المسؤولية في التنظيمات (الأحزاب، النقابات، الجمعيات، مراكز الأبحاث) بالتسلق والتملق وأساليب "ميكيافيل". إنه التضخم، أن ترى نفسك في المرآة فلا تعرف قدرك بل تتوهم أنك كائن آخر أعلى شأنا وأرفع مقاما.
وامتحاناتنا الإشهادية والمستمرة والجامعية تُعَرفنا باستمرار بالطلاب والتلاميذ الذين لا يتورعون عن حمل حوامل الإجابة إلى قاعات الاختبار ولا يخجلون من الاستعانة بزملائهم أو هواتفهم لتسويد أوراق الامتحان. إنه "التضخم"، أن تحصل على "النقط" الجيدة و"الدرجات" العلا و"الشهادات" العلمية، وأنت لا تستحق أي تقدير.
ومظاهرنا المادية من ألبسة وسيارات وهواتف وحواسيب وآليات... إلخ، كلها تهتف بأن حامليها ليسوا أهلا لها! لأنهم لم يعملوا لا بالثقافة التي صنعتها، وهي ثقافة الإنتاج وقيم إتقان العمل واحترام الواجبات، ولا اجتهدوا من أجل إنتاج ما يوازيها من قيم مضافة في مجالات أخرى. إنه التضخم، أن تلبس لباسا ثمينا وتقود سيارة فارهة وتحمل هاتفا ذكيا، وأنت سجين ثقافة الاستهلاك وبعيد كل البعد عن قيم المعرفة والجدية والإنتاج.
إن التضخم ليس ظاهرة اقتصادية مدمرة فحسب، وإنما ظاهرة اجتماعية مميتة تخترق الأفراد والمجتمع (=التنظيمات) والدولة. إن معناه العميق هو أن يركن الفرد/التنظيم/الدولة لوعي زائف يوهمه بأنه في حالة من الصحة والعافية وهو في الحقيقة أسير علل كثيرة، فيلجأ لوسائل ظاهرها "الذكاء" و"البراعة في الحيل" وباطنها "الغباء" و"ضيق النظر". ولعل "الغش" عند الطلاب والتلاميذ و"التزوير" عند المهنيين و"الفساد" عند السياسيين و"الريع" عند المُضاربين و"المباهاة" عند عموم المستهلكين؛ أبرز عناوين ظاهرة "التضخم" في حياتنا الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.