تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، يؤكد حقيقة تضاعف منسوب الثروة بالمغرب و تسارع وثيرة نموها بمعدل 5 في المائة سنويا على امتداد الفترة الفاصلة بين سنتي 1999 و 2013، فان ميزان توزيع عائدات هذه الثروة الوطنية على عموم المغاربة تزداد اختلالا من سنة الى اخرى، وفقا لنتائج احدث تقارير المندوبية السامية للتخطيط. و يأتي ارتفاع حجم الثروة بالمغرب في الوقت الذي كشفت فيه خلاصات بعض التقارير المحلية و الدولية المنجزة في هذا الصدد، عن ارتفاع عدد اثرياء المغرب الى سقف 4800 مليونير، مقابل اتساع شريحة الفقراء المغاربة لتشمل 7 ملايين مواطن، و اتسعت افواج الفقراء، بميزانية 20 درهم في اليوم، 10 في المائة منهم، لا يتعدى دخلهم اليومي 10 دراهم.
هذه الوضعية الصعبة و المريرة، التي تأتي بالتزامن مع تضاعف قيمة الثروة الوطنية الى سقف 13 مليار درهم، تؤكد و بالملموس ان عائدات هذه الثروة، لا يستفيد منها جميع المغاربة و لا توزع بطريقة عادلة.
هذا الواقع المرفوض، يفسر سبب اقدام منظمة"اوكسفام " الدولية، على تصنيف المغرب في الرتبة 103 من اصل 152 دولة شملتها دراسة المنظمة حول مجهودات الحكومات للحد من انعدام المساواة الاقتصادية، و ذلك بالاستناد الى معطيات كثيرة الى جانب الفقر، اسباب مرتبطة بجودة التعليم و الخدمات الصحية و القدرة الشرائية.
بعض المراقبين للشأن التنموي الوطني، يربطون اسباب ارتفاع درجة التفاوت الطبقي و الاجتماعي و المجالي ببلادنا، الى طبيعة النموذج السياسي، الذي تم تبنيه منذ استقلال المغرب، حيث يرى بعضهم ان هذا النموذج حال دون تحقيق الاهداف المرجوة التي تلبي انتظارات عموم المغاربة. باعتبار انه شجع و ساهم في تكوين مجموعات مالية مرتبطة بالسلطة السياسية القبلية.
و توصلت نتائج دراسة انجزها موقع " هاومش " الدولي، ان ثروات مليونيرات المغرب غالبا ما تم تحصل عليها عبر الارث و الاستثمار في الاوراق المالية، مشيرا الى ان هؤلاء الاثرياء يستقرون بنسبة كبيرة بالعاصمة الاقتصادية مدينة الدارالبيضاء، التي تشمل 240 ثري، و الباقي موزع عبر التراب الوطني، و توقعت هذه الدراسة، امكانيات ارتفاع عدد مليونيرات الدارالبيضاء بأكثر من 1000 مليونير اضافي في افق سنة 2025.
و يظهر جليا، الفوارق الشاسعة بين فئات المجتمع على عدة مستويات، منها مؤشرات التشغيل و معدلات البطالة، و هي فوارق مجالية تفرز اختلالات تنموية بين ربوع المغرب، هذه المعطيات تبين، ان خلق الثروة الغير المتساوية تسبب في الاضرار بعدالة التوزيع المنصف لهذه الثروة بين جميع المواطنين.