خلفت مصادقة مجلس النواب على المادة الثامنة من قانون مالية 2017، التي جاء بها فريق حزب العدالة والتنمية، موجة من الغضب الشديد، بعد أن نصت على ضرورة احترام الجماعات الترابية لتنفيذ الأحكام في غضون 60 يوما، بيد أن الإشكال المطروح في ظل هذا المستجد يمكن في حالة عدم تنفيذ الجماعة لهذه الأحكام، إذ لن يكون للطرف المتضرر الحجز على ممتلكاتها، ليبقى الحل الوحيد هو انتظار برمجة تلك التعويضات في الميزانيات، تبعا لأهواء المجالس ورؤسائها. و ارتباطا بالموضوع ، عقد المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب اجتماعه العادي يوم الأربعاء 24 ماي 2017، تدارس خلاله عددا من النقاط التي تدخل في صميم اختصاصاته، و على رأسها مواكبة المستجدات التي عرفتها الساحة التشريعية ببلادنا، و المرتبطة أساسا بمضامين مشروع قانون المالية لسنة 2017، بما في ذلك مقتضيات المادة 8 مكرر من مشروع القانون المذكور، و بعد المداولة بين أعضائه، قرر إصدار بيان توصل موقع " أخبارنا المغربية " بنسخة منه، و هذا ما جاء فيه : إن نادي قضاة المغرب و من منطلق حرصه التام على تكريس أهداف هذه الجمعية المحددة في المادة الرابعة من قانونه الأساسي، و على رأسها هدف الدفاع عن الضمانات الأساسية لحقوق وحريات المواطنين و الدفاع عن استقلال السلطة القضائية، و من منطلق إيمانه العميق بأهمية مؤسسة تنفيذ الأحكام والمقررات القضائية، و دورها المحوري في توطيد مبدأ العدل والإنصاف الذي يشكل ركيزة من ركائز دولة الحق والقانون، يؤكد للرأي العام على أن ما تضمنته مقتضيات المادة الثامنة مكرر من مشروع قانون المالية رقم 73.16 لسنة 2017 من منع لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية عن طريق الحجز، يشكل مسا واضحا بمبدأ فصل السلط المنصوص عليه دستوريا، إذ من جهة تعتبر مضامين هذه المادة آلية خطيرة لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها و إلزاميتها، و ذلك خلافا لأحكام الدستور المغربي الجديد الذي نص وبشكل صريح في الفقرة الأولى من المادة 126 على أن " الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع"، دون تمييز بين أطرافها، كما أكد نادي قضاة المغرب أنه في الوقت الذي كان ينتظر فيه من الجهات المعنية، وضع آليات قانونية قادرة على تيسير عملية التنفيذ و تجاوز مشكل رفض الإدارة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها، تفاجأ بإصدار مقتضيات المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية المذكور، في مخالفة صريحة لأحكام الدستور المغربي و كذا للتوجيهات الملكية السامية، التي ما فتئ صاحب الجلالة يؤكد من خلالها على ضرورة وأهمية تنفيذ المقررات القضائية وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر، بما في ذلك الإدارة. وعليه فقد شدد نادي قضاة المغرب على أن بناء ركائز دولة الحق والقانون لا يمكن أن يُتصور إلا من خلال أحكام قضائية عادلة و منصفة و قابلة للتنفيذ في مواجهة الجميع، وهو من هذا المنطلق يلفت انتباه الجهات المعنية بمسألة التشريع إلى خطورة مقتضيات المادة 8 مكرر من قانون المالية المذكور، و يدعو إلى إعادة النظر في هذا المقتضى الذي يشكل تراجعا واضحا عن المكتسبات الحقوقية الدستورية و مخالفة صريحة للتوجيهات الملكية السامية، و مسا بالخيار المجتمعي في السير نحو بناء مقومات دولة الحق والقانون. و في الأخير دعا المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب الإدارة إلى إعطاء القدوة في تنفيذ المقررات القضائية و احترام مقتضياتها.