أثارت المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية لسنة 2017، كما صادق عليها مجلس النواب، جدلا واسعا، لاسيما في صفوف المحامين، والحقوقيين. وأبرز المواقف المعلنة، والرافضة لمضمون هذه المادة، البيان الصادر عن الحزب المغربي الليبرالي، ومقال رأي للمحامي عبد اللطيف وهبي، والرسالة التي وجهها النقيبان، عبد الرحمن بن عمرو، وعبد الرحيم الجامعي، إلى رئيس جمعية هيآت المحامين في المغرب، وكل المحامين، وطلبا منهم التصدي لاحتقار القضاء وعصيان أحكامه والتسفيه به وإهانته، في إشارة إلى مضمون المادة المشار إليها من مشروع قانون المالية. وتنص المادة موضوع الجدل على أن التنفيذ يكون مسموحاً به في حدود الاعتمادات المالية للدولة المفتوحة بالميزانية، ما يعني أنها قننت تنفيذ الأحكام القضائية، ومنعت الحجز على أموال، وممتلكات الدولة والجماعات الترابية. هذه المضامين، التي نصت عليها المادة، اعتبر عبد اللطيف وهبي، أنها تشكل تحايلاً على تنفيذ الأحكام القضائية، التي تعتبر ملزمة للإدارة، وشدد على أنها تفرض تحكماً مسبقاً في تنفيذ الأحكام القضائية، "من المفروض أن هذه الأحكام الصادرة باسم جلالة الملك هي التي تتحكم في التنفيذ، وليس العكس، خاصة وأن المادة 8 مكرر جعلت الأحكام القضائية أسيرة الاعتمادات المحددة سلفا من طرف الميزانية، أي جعلت السلطة القضائية تحت سلطة السلطة التنفيذية". يقول وهبي. وأضاف وهبي أن مضمون المادة 8 مكرر من مشروع قانون المالية يعد مسا خطيرا بنص أصلي خاص ينظم هذه العملية القضائية، وهو قانون المسطرة المدنية، حيث تجيز هذه الأخيرة الحجز أثناء سريان مسطرة الدعوى، وعند التنفيذ، وذلك بمقتضى المواد 433 و448، ومن 452 إلى 462. بدورهما شددا النقيبان عبد الرحمان بن عمرو، وعبد الرحيم الجامعي في رسالتهما على اعتبار أن مضمون المادة 8 مكرر، التي صادقت عليها الأغلبية بمجلس النواب بكل أحزابها، تعد دعوة صريحة لعصيان الأحكام القضائية، وليس فقط عرقلة تنفيذها، ونداء منها لعصيان الصيغة التنفيذية، التي تأمر باسم الملك العمل على التنفيذ، ولو بالقوة العمومية. وأضاف النقيبان أن مضمون النص سيجعل المتقاضين مضطرين إلى "الامتثال لرغبات الإدارة التي أصبحت لديها كل الصلاحيات لتنفيذ أو عدم تنفيذ الأحكام خصوصا". وخاطب النقيبان زملاءهما المحامين بالقول: "إنكم اليوم أمام تحد عنيف، وتهجم خطير ضدكم، وعليكم كفاعلين مهنيين مسؤولين عن حقوق موكليكم، وعلى مكاتبكم، وعلى المواطنين، الذين ثاقوا فيكم، وأنتم أمام امتحان تاريخي كبير سيقيس به الرأي العام مستوى نضجكم، ومدى قدرتكم، ووعيكم بمسؤوليتكم بهذه الحرب، التي شنتها الحكومة، وأغلبيتها في مجلس النواب على القضاء، وعلى الأحكام، والدستور". وتابع المتحدثان: "إنكم مهددون في مهنتكم، وحصيلة جهودكم، وانتظارات موكليكم، وليس من حقكم أن تتفرجوا بلا مبالاة، وبصمت على من قرر ذبح الأحكام القضائية، وقتل معانيها، واحتقار القضاة، الذين أصدروها، وترهيب المتقاضين في حقوقهم، وأرزاقهم". وقال النقيبان: "لا مناص لكم اليوم سوى اتخاذ موقف أو مواقف واضحة تجاه عملية انتهاك حقيقي لحقوق الإنسان، ونسف لجهودكم عبر التاريخ من أجل بناء مقومات دولة القانون، واستقلال اللقضاء، والمساواة". من جانبها، طالبت اللجنة التحضيرية لرابطة المحامين في الحزب المغربي الليبرالي إلى التصدي بكافة الطرق القانونية للمادة 8 مكرر من قانون المالية لإلغائها في مجلس المستشارين. كما طالبت اللجنة المذكورة الفرق النيابية المتوفرة على النصاب المنصوص عليه في الفصل 132 من الدستور بالطعن أمام المحكمة الدستورية في حالة مصادقة الفرقة الثانية على المادة نفسها.