يرى بعض المختصين في شؤون فرنسا و المتتبعين ﻹنتخاباتها أن التصويت لمارين لوبين هو التصويت لصالح مشروع منصف و منقذ ليس فقط للفرنسيين و لكن كذلك للشعوب العربية التي مازالت تعاني من ويلات اﻷنظمة الديكتاتورية. إنه برنامج سياسي، أجتماعي و مجتمعي شامل، يروم، من جهة، إصلاح الأوضاع في فرنسا إصلاحا كليا و جذريا و من جهة أخرى، يفرض على الحكام العرب و اﻷفارقة إعادة النظر في أنظمتهم السياسية الشمولية و في الطريقة التي يحكمون بها شعوبهم. إن المتتبع لبرنامج مارين لوبين و خطاباتها و خرجاتها يلاحظ بأنها المرأة السياسية الوحيدة في فرنسا و أوروبا التي تتميز بنظرة شاملة و معمقة و واضحة ليس للمجتمع الفرنسي فحسب و لكن كذلك لكل المجتمع اﻷوروبي واﻹفريفي و العربي اﻹسلامي. و بحكم مهنتها كمحامية متمرسة و كنائبة بالبرلمان اﻷوروبي و كرئيسة حزب سياسي و بعد 40 سنة من مراقبة و مواكبة التحولات و التطورات التي عرفها و يعرفها المجتمع الفرنسي، لاحظت بأن بلادها تتجه نحو اﻹنحراف حتى لا نقول اﻹنهيار، بسبب سياسة التساهل و اللامسؤولية التي نهجتها الحكومات التي توالت؛ لذلك التزمت بالدفاع عن قضايا و مصالح فرنسا و مواطنيها بالدرجة اﻷولى، كما يفعل دولاند ترامب في أمريكا و جيرت فيلدرز في هولندا. إن القارئ الذكي لبرنامج لوبين يلاحظ بأن لا شيء فيه اعتباطي أو عبثي أو من وحي الصدفة و الخيال، لأن كل اﻷفكار و اﻷفعال و القرارات و البنود التي تناضل من أجلها مبنية على دراسات علمية منطقية لا تقبل الجدل و إحصائيات دقيقة لا تقبل الخطأ؛ استنتجتها من واقع و حياة الفرنسيين؛ ما يجعل منها سياسية براغماتية بامتياز. ثم ما يجعل من مارين لوبين رئيسة ليس كباقي الرؤساء كونها لها من الفطنة و اليقظة و الذكاء و بعد النظر ما يمكنها من اكتشاف و معرفة ما يجري في كواليس الدبلوماسية الفرنسية التي عملت على إرساء الأنظمة الديكتاتورية في الدول العربية واﻹفريقية وما زالت تقدم لحكامها الدعم و المساعدة، التصرف الذي لا يؤيده كل الفرنسيين الذين يرفضون سياسة التجويع و التفقير والتشريد الممنهجة التي يمارسها ديكتاتوريو هذه الدول ضد شعوبهم و التي كانت سببا في حدوث كل هذه اﻷمواج البشرية من المهاجرين الذين غزوا و يغزون فرنسا؛ بينما المساعدات المالية و اﻹنسانية التي تقدمها أمريكا و اﻹتحاد اﻷوروبي تذهب مباشرة إلى جيوب و حسابات رؤساء و ملوك و جنيرالات إفريقيا و العرب؛ لأجل " تسمين " ثرواتهم. لذلك، فإن ما يحز في نفس المترشحة للرآسيات الفرنسية و ما لا يقبله المنطق هو أن هناك من الفرنسيين من ينام و يعيش في الشارع بينما تجار المخذرات و ناهبي أموال و ثروات الشعوب العربية و مبيظي اﻷموال العرب يملكون عمارات و فيلات و فنادق فاخرة في أرقى أحياء كبريات المدن الفرنسية؛ كما أنهم يتمتعون بامتيازات أحسن من الفرنسيبن أنفسهم. و ما يثير الدهشة و اﻹستغراب و يعقد الوضعية و يعرقل مهمة لوبين هم أولئك الشقر و الشقروات من الفرنسيين ذوي البشرة البيضاء و الشعر الأصفر و العيون الزرقاء، خاصة المراهقات و الساذجات و المتهورات، اللاتي يذهبن إلى إفريقيا و دول العالم الثالث و يتزوجون بمرضى اجتماعيين و دينين و يفتحون لهم أبواب فرنسا ليأكلوا و يناموا على حساب دافعي الضرائب من الفرنسيبن؛ باﻹضافة إلى جعل الهوية الوطنية و الثقافة الفرنسية و قيم و قوانين الجمهورية في خطر؛ كتلك اﻷستاذة الكبيرة من مدينة كاركسون التي تجوب الدول المتخلغة كي تكون و تصنع أساتذة أكفاء و التي تعرفت، يوما ما، في تونس، على عامل بناء، و بعدما استقدمته إلى فرنسا، قام بدوه هو كذلك بجلب كل أخوته و أخواته وأطفالهم إلى أن أصبحوا اليوم يحتلون، إلى جانب آخرون، المدينة بأكملها تقريبا في جنوبفرنسا؛ لذلك تبين بعض اﻹحصائيات بأن المهاجرين العرب و السود الأفارقة و اﻷتراك وكذلك الزنوج سيغزون فرنسا خلال ال 10 أو ال 15 سنة المقبلة، الشئ الذي يجعل الفرنسيين يشعرون كغرباء في بلدهم، مما يضطرهم إلى مغادرة مدن بكاملها لصالح الوافدين من بلدان أجنبية. و من جهة أخرى، هناك فرنسيون أصليون يعارضون و يرفضون برنامج لوبين اﻹنتخابي و مشروعها السياسي و يتهمونها بالعنصرية و معاداة السامية و كراهية اﻷجانب في حين أن مهاجرون من دول أخرى يؤيدونها و يتحمسون للتصويت لصالحها. أما الشيئ المثير للضحك هو أن بعض الدول تستغرب نية لوبين تغيير و تشديد قوانين و سياسة الهجرة و الجنسية في بلدها، في الوقت الذي تقوم فيه الجزائر بترحيل المهاجرين اﻷفارقة نحو بلدانهم، مع العلم أن حوالي 2 مليون جزائري يعيشون في فرنسا، دون احتساب أولائك الذين يقيمون فيها بصفة غير قانونية؛ و في حالة إسقاط النظام في الجزائر، سيلجأ حكامها و جنيرالتها في الحين إلى فرنسا أو بلجيكا أو سويسرا للإختباء و اﻹحتماء من انتقام الشعب الذي ينتظر هذه اللحظة على أحر من الجمر. خلاصة القول، إذا لم تنجح مارين لوبين في الإنتخابات، فإن الفرنسيين سيدفعون ثمن ما آلت إليه اﻷوضاع في بلدهم، بينما يبقى ما يسمى "بالزعماء العرب و اﻷفارقة " المستفيذ اﻷول و اﻷخير من العملية.