انتهت القمة العربية في منطقة البحر الميت أو قمة السقوط والسقطات كما سماها بعض المتتبعين، السقوط البدني لبعض الرؤساء كما هو حال الرئيس اللبناني العماد ميشال عون قبيل الصورة التذكارية للزعماء وقبله سقوط نائب رئيس دولة الإمارات العربية محمد بن راشد آل مكتوم لدى وصوله مطار الملكة عليا في آخر درج من سلم طائرته، او السقوط المعنوي الحسي للقمة التي خرجت بنتائج فارغة، ثم السقطات التي وقع فيها بعض الرؤساء كما كان حال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي قام بمبادرة سيئة عندما غادر القاعة بمجرد منح الكلمة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في حركة أقل ما يمكن القول عنها أنها تنم على قلة احترام غير مسبوق في تاريخ القمم العربية. كل هذه الأحداث وغيرها، جاءت بالنسبة لنا معشر المغاربة لتؤكد لنا شيئا مهما وهو موقف ملكنا جلالة محمد السادس الذي أكد للجميع صدق رؤيته ورأيه في القمم العربية الفارغة التي اتخذ منها موقفا صارما بعدم المشاركة فيها منذ قمة الجزائر 2005. فالرجل بحكمته وتبصره وبعد نظره أصدر حكمه على القمم العربية بالفشل وقرر مقاطعتها مشاركة واستضافة كما كان الحال حين اعتذر عن تنظيم واحتضان القمة السابقة التي كانت مقررة في المغرب وتحولت بعدها إلى موريتانيا.
مقررات قمة البحر المبت الميتة بدورها والتي وإن شهدت مشاركة كبيرة من الدول العربية مقارنة مع سابقتها إنها جاءت لتؤكد ما ذهب إليه العاهل المغربي في تبريره لرفض احتضان القمة السابقة وموقفه من المشاركة في التي بعدها وسابقاتها؛ إذ اعتبر أن الأمر لا يعدو اجتماع مزيف يعطي انطباعا للشعوب أن الأمر على ما يرام بين الزعماء في حين أن الأمر ليس كذلك على الاطلاق والدليل خروج السيسي ووفد مصر من القاعة بمجرد ما أخذ أمير قطر الكلمة. ثم إن قضية العرب الأولى ، القضية الفلسطينية لم تخرج بمكتسبات تذكر من القمة بل إن البعض وصف القمة بأنها خرجت بمصالحة تاريخية على جثة فلسطين.
موقف ملك البلاد الشجاع من المشاركة في القمة على الرغم من الجهود التي بذلها عاهل الأردن بهدف إقناعه بالمشاركة يبقى في الواقع موقفا مشرفا وينم على بعد نظر صاحبه وإدراكه وقراءته الصحيحة وتشريحه الجيد للواقع العربي المرير ولا جدوى القمم العربية وقبلها لا جدوى جامعة الدول العربية ككل التي أصبحت عاجزة على تقديم ما وجدت من أجله ألا وهو الدفاع على قضايا الأمة المصيرية وتحقيق المصالحة بين الدول العربية وحل الصراعات القائمة وردع العدوان الذي يستهدف كيان الأمة العربية ونصرة الأعضاء الذين يقفون أمام مخاطر ومطامع عدوان خارجي يتهدد كيانها وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يصارع ويرزخ تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي وكذلك بيت المقدس الذي يتعرض للتهويد ومحو هويته الإسلامية.
وقد لقي موقف المغرب الذي اتخذه عاهل البلاد تنويها واسعا من شعوب ومثقفي العالم العربي، الذين حيوه وأشادوا به معتبرين أن الرجل كانت له الشجاعة الكافية في اتخاذ قرار مهم كذلك الذي اتخذه بمقاطعة القمم العربية الفارغة إيمانا منه بعدم الجدوى وانتفاء الشروط الضامنة للنجاح في هكذا قمم لم تخرج منذ بدايتها عن قرارات الإدانة والتنديد بل ولم تفلح حتى في فك الخلافات البسيطة بين الأشقاء.