لا أحد يستطيع أن يُنكر أو يلغي التاريخ المجيد لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي ،لذلك فعندما أقول الحزب المخدوع فإني أقصد الاتحاد الاشتراكي الراهن الذي يرأسه المحامي إدريس لشكر ،هذا الزعيم الذي ظل الاتحاديون يطالبونه بتقديم استقالته منذ الانتخابات الجماعية والجهوية 4 شتنبر والتي حصد خلالها الحزب نتائج كارثية، وهي النتائج التي تأكدت بالانتخابات التشريعية 7 أكتوبر ...قلت أن هذا الزعيم ومنذ وصوله لرئاسة الحزب دجنبر 2012 ساهم بشكل ملموس في تقهقر الحزب و تراجعه حتى أصبح يجانب الأحزاب " الصغيرة " التي لا تاريخ لها . ولأن السيد لشكر حذق و نبيه بما يخدم مساره ومصيره داخل الحزب ، فقد سارع إلى تحديد تاريخ لعقد المؤتمر الوطني العاشر للحزب بمجرد ما تم انتخاب السيد لحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب ، فالسيد لشكر يعتقد أن هذا " النصر" يحسب له لذلك فهو يريد أن يستغل الفرصة أحسن استغلال من أجل ولاية ثانية على رأس الاتحاد الاشتراكي . ثم ، وهذا مهم، فاصطفاف هذا الحزب خلف الأحزاب الإدارية كان من بين دوافعه الرئيسة طموح لشكر للبقاء على رأس الحزب لخمس سنوات أخرى ...هذا من حقه طبعا كزعيم سياسي يرى نفسه الأنسب للقيادة ، لكن من حقنا أيضا القول أن الاتحاد الاشتراكي يتعرض لخديعة كبرى قد تقوده للاندحار أكثر .
لماذا نقول "خديعة كبرى" ؟
ببساطة لأن الاتحاد الاشتراكي تم الزج به وسط معركة ليست معركته ولا يجب أن تكون كذلك ،فالموافقة على دعوة أحزاب التجمع الوطني للأحرار ،والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية على أن يصطف حزب المهدي بن بركة بجانبهم من أجل أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة رئيس الحكومة المكلف السيد عبدالاله بن كيران ومحاولة التأثير عليه في شأن تشكيل حكومته ،قلت أن الموافقة على هذه الدعوة كان خطأ..أولا لأن هذه الأحزاب ،لا يخفى على أحد ، كونها أحزاب إدارية كان تأسيسها مرتبط بحماية مصالح الدولة وليس مصالح الشعب ، وثانيا لأن الاصطفاف بهدف التأثير على اختيارات رئيس الحكومة المكلف هو اصطفاف ضد إرادة الناخبين بحكم أن هذه الأحزاب تهدف لفرض أمر الواقع على بن كيران و إجباره على القبول بشروطهم فيما يخص تحالفات الحكومة ،التي مازال أمر تشكيلها معلقا بسبب إصرار رئيس التجمع الوطني للأحرار ،السيد عزيز أخنوش، على
إشراك الاتحاد الاشتراكي و كأن هذا الأخير قاصر لا يستطيع أن يقرر في شأن مصيره ، مع العلم أن الحزب رفض دخول الحكومة سنة 2011 التي رأسها نفس الشخص أي عبدالاله بن كيران ،فما الذي تغير بين 2011 و 2017؟
الذي تغير هو أن الكاتب الأول للحزب الذي انتقل من الأستاذ عبدا لواحد الراضي إلى السيد إدريس لشكر ، ،فالأول كان شخصا آخر محملا بقناعات وقيم و مبادئ الحزب التي تأسس عليها ،كان الاتحاد بهذه المرحلة مستقلا بقراراته وقويا بها ،أما على عهد السيد لشكر فقد صار الحزب تابعا ..في البدء كان تابعا لحزب الاستقلال ،ثم لحزب الأصالة والمعاصرة ، وأخيرا لحزب التجمع الوطني للأحرار...ولا ندري القادم..وعندما أقول تابعا فأنا أقصد ذلك و أؤكد عليه ،و أرفض بالمقابل تسميته حليفا أو شريكا لهذه الأحزاب لأن التحالف أو الشراكة لا يعنيان التفريط في مبادئ الحزب وقيمه والقبول بالاصطفاف خلف أحزاب صنعتها الدولة و أخرى مختلفة عنه إيديولوجيا وفكريا بالمطلق.
لقد رهن السيد لشكر و بعض مؤيديه بالمكتب التنفيذي مستقبل الحزب طمعا في مكاسب مرحلية وراهنة ستضر بتاريخ الحزب و مناضليه ،و أيضا حولوه لمادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي و صفحات الجرائد .