يقول الكاتب المسرحي الشهير ويليام شكسبير في إحدى أروع نصائحه " احترس من هذا الرجل , إنه لا يحب الموسيقى. " أي لا تثق في من لا يحب الموسيقى فقد يؤذيك ، فهو لا يحمل أية قيم ومشاعر نبيلة
. حينما نحلل هذه الفلسفة الشكسبيرية ، ذات الأبعاد الجمالية والقيم الأخلاقية...
نجد أن الموسيقى أكبر من مجرد فن يمتع الإنسان ، وإنما غذاء وإكسيرا سحريا للروح ينمي الإنسانية فينا ويرفع منسوب الذوق والتحضر.
الذوق الرفيع والتحضر ، كانا يظهران جليا في حفلات " الست " أم كلثوم كوكب الشرق ، لما كانت قاعات العرض المسرحية والموسيقية بأم الدنيا ، تمتلئ عن اخرها بمختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية...
وأنت تسترجع عزيزي القارئ ذكريات الزمن الجميل ، من خلال اليوتوب أو القنوات الفضائية ، أول ما يثير انتباهك ، أناقة الحاضرين من كلا الجنسين خاصة النساء بفساتين باهية تنهل من التصميمات والثقافة الإنجليزية العريقة التي طبعت العقلية المصرية آنذاك.
هندام متأنق دال على الحس الفكري ، الحضاري و ثقافة الحياة المميزة للمصريين.
رحلت الست ، عبد الحليم حافظ وأسمهان...وتوالت السنين لتنتقل مصر من عظمة الموسيقى وسمو الفكر والتأنق ، إلى قرف الإخوان المسلمين .
الذين أبدعوا - سلبا - واجتهدوا في تسميم العقول وإقناع الشباب ، خاصة ، بتنافي الموسيقى والفنون الجميلة مع تعاليم الاسلام وحدود الله....لدرجة مرضية مقيتة ، جعلت من الكثيرين
يتفاخرون بإحتواء حواسيبهم وهواتفهم الذكية ، الأذكى منهم ، فقط على فيديوهات ومقاطع صوتية لشيوخ التكفير ،النواح واللحي المسدولة، مع غياب للمعزوفات الموسيقية و الأغاني.
قرف الإسلامويين ، في الحقيقة ، لم يحرم الموسيقى وعظمتها فقط ، بل غيب مظاهر الحياة ، الأنوثة ، السلام ، سمو الروح وجمالية الهندام....لتعوض بثقافة الكره، الحزن ، الإسلام الجنائزي ، الإرهاب والتطرف وثياب الغربان من نقاب ، تشادور وبرقع...
لتصبح المرأة في نظر شيوخ العدم ، مجرد شيء لا تفكر ولا تقرر ، فقدت لباسها الإنجليزي الأنيق ليحكم عليها بالموت المعنوي.
شعوب لا تعشق الموسيقى ، شعوب ميتة والمجتمع المغلق محكوم عليه بالتعفن فالفناء.
الإخوان المسلمين دمروا الفن والجمال بمصر، فبعدما كنا نستمتع بأفلامها ومسرحياتها وموسيقاها اصبحنا لا نرى غير شيوخ التكفيريين على الفضائيات
" ويبقى السؤال كيف تسللت خفافيش الفكر الظلامي المتخلف إلى المجتمع المصري الراقي ، مجتمع أم كلثوم وعظمة الموسيقى