حينما تستخدم الدولة قوتها بشكل مفرط، فإن النتيجة تكون طحنا في حاوية الأزبال، أو شللا نصفيا أو دائما، أو كسرا على مستوى الجمجمة وحالة جسدية ومعنوية متردية،تماما مثلما حصل للأستاذة حسناء زرقي، خريجة المدرسة العليا للأساتذة- تطوان- هذه الفتاة الجبلية التي تعاني عائلتها من كونها عائلة ريفية متوسطة الحال، ترفض التجارة في الممنوعات، أو أن تتاجر في ابنتها كما تفعل كثير من العائلات العديمة الشرف، باسم العوز والحاجة تارة، أو باسم الفن ومهنية الثقافة المنحلة تارة أخرى، حسناء زرقي، فتاة ريفية تعتمد عليها عائلتها لتكون أول أستاذة في وسط هذه العائلة المكافحة التي عانت الكثير لتربية فتاة هي اليوم تحمل إجازتين في التخصص وعلوم التربية وعلم النفس التربوي، إضافة إلى ديبلومات وشواهد تحصيلية مرافقة، لم تشفع لها أمام هراوة الشبح المخزني، الحاصل على شهادة: -رجل زرواطة- فشج جبهتها قبل أن تتسبب الهراوة المخزنية في كسر على مستوى الرأس، نقلت على إثره الأستاذة إلى المستشفى العام الذي حولها بدوره، أو قل تخلص منها لصالح مستشفى خاص، لم يقم حتى بالمستلزمات الأولية، من فحص بالأشعة السينية، للكشف عن مدى خطورة الكسر!!! لتترك الأستاذة في حالة حرجة في مستشفى خاص يتقاضى آلاف الدارهم يوميا مقابل المبيت، وليس أداء مهمة التمريض والفحص، الأستاذة التي خرجت وهي تكني عائلتها بالرجوع بحق العمل القار في وظيفة شريفة تضمن لقمة العيش الطيب، بين حياة المعانات وموت الضمير الإنساني، الذي جعل حالتها تتدهور لدرجة جعلها تفقد القدرة على الكلام وتحريك الجانب الأيسر من الجسم، وضعف البصر جراء الضربة، حسناء زرقي ، ضحية الشطط في استعمال السلطة، وعدم المهنية لرئيس الأمن الذي سمح باستخدام القوة في ساحة عمومية حافلة بالحضور من رواد ساحة جامع الفنا، والمشاركين بمهرجان الفيلم بمراكش؟!! هي ضحية الجمعيات الحقوقية والقانونية المنافقة، التي تعاني من سكيزوفرينا المصالح، حسناء زرقي لو كانت مطربة مشهورة أو حتى فتاة شارع قام أحدهم بمس تنورتها القصيرة أو كانت مثلية من فتيات -باد غيرلز- لقامت كل المنظمات الحقوقية والنقابية والحزبية لاستنكار جريمة المس بالحرية الانسانية، ولكن حينما يتعلق الأمر بحرية العيش الكريم، أو حرية الصراخ من واقع هش ينهش أبسط الحقوق...فإن الجميع يلزم الصمت كسكان القبور!!! حسناء زرقي وعلي ايت عبد الخالق، ضحايا البرنامج الحكومي 10000 إطار تربوي، الذي أقصى حقهم في التوظيف وأقصاهم عن أملهم في العيش الكريم وتحقيق الأمل في أن يصبحوا مربي جيل يؤمن بالديموقراطية والحرية و التنمية، هم ضحايا القمع الممنهج للسلطات العمومية، وضحايا الواقع المغربي الذي يقسو على مواطنيه، حسناء زرقي، القابعة في مستشفى خاص يخرج كل يوم أصدقاؤها من الأساتذة المعطلين ليجوبوا الشوارع جمعا للمساهمات من طرف المارة والحوانيت ومحلات البقالة من أجل تسديد أقساط المستشفى الباهظة، في تضامن منقطع المثال، في ظل تجاهل الجهات المعنية و المنظمات الحقوقية لحالة أستاذة من الريف المقصي ...