في سياق الحديث عن الحكامة اللازمة في تدبير المال العام ، و ربطها بالمحاسبة ، لازال نزيف إهدار " فلوس الشعب " مستمرا حتى إشعار آخر ، حيث توصلنا في موقع " أخبارنا المغربية " بمجموعة من الشكايات ، من شركات مغربية ، احتجت بشدة على ما وصفته ب " التلاعب في صفقة عمومية " لشراء لوازم الطباعة ، و التي حدد لها صاحب المشروع ( وزارة الخارجية )، كلفة تقديرية بقيمة ( 4,966,289,88 درهم ) ، حيث تقدمت 7 شركات للمنافسة على هذه الصفقة ، لكن و قبل 10 أيام فقط من التاريخ المحدد لفتح الأظرفة ، قام صاحب المشروع بوضع تعديلات فيما يخص الأجهزة المطلوبة ، حيث وضع قائمة بأسماء عينات لا توجد في المغرب ، و التي تتطلب السفر إلى الخارج من أجل اقتنائها ، في عملية وصفها أحد المحتجين بالتعجيزية ، لكن و مع ذلك تمكنت الشركات المحتجة من جلب هذه العينات وفق المعايير المتفق عليها و التوقيت المحدد. الخطير في الأمر وفق نفس المصادر ، أن الشركة التي فازت بالصفقة لم يمر على تأسيسها سوى سنتين فقط ، و لا يتجاوز رأسمالها 2 مليون سنتيم ، علاوة على كونها قدمت عرضا ماليا فاق الكلفة التقديرية التي حددتها الوزارة في طلب العروض ،( 5,363,473,97 ) ، في حين تم إقصاء شركات أخرى ، تقدمت بعروض لم تتجاوز مبلغ ( 3,000,000,00 )، وفق نفس المعايير و الشروط المنصوص عليها في طلب العروض ، وهو ما يتعارض تماما مع ما ينص عليه قانون الصفقات العمومية ، حيث يفوز صاحب أقل عرض مالي بالصفقة . استمرار نزيف التلاعب في الصفقات العمومية ، دفع الشركات المتضررة إلى إحضار مفوض قضائي ، من أجل توثيق ما حصل ، على ان يتم مقاضاة المسؤولين عن هذا التلاعبات ، حيث استنكر المحتجون بشدة استفادة شركات " بعينها " من جل الصفقات المتنافس عليها ، في ضرب سافر لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص ، خاصة أن صفقات مشبوهة من هذا القبيل تسببت في إهدار المال العام ، خدمة لمصالح من يتحكمون في اللعبة . إلى ذلك ، فقد توصلنا في موقع " أخبارنا المغربية " بنموذج لعرض تقدمت به شركة تم اقصائها بشكل فاضح ، رغم أنها تقدمت بعرض لم يتجاوز 3 ملايين درهم ، و بعينات مطابقة تماما للعرض الذي فازت به الشركة المذكورة سابقا ، بهدف مقارنتها مع أسعار السوق وأيضا الأسعار التي تقدمت بهذا الشركة الفائزة بالصفقة . لأجل ذلك قررت الشركات المتضررة من هذه التلاعبات ، و أخرى رفضت الدخول في هذه المناقصة لذات الاسباب ، رفع دعوة قضائية موحدة ، بهدف رفع الضرر الذي لحقها جراء هذا الإقصاء الممنهج والمستمر من جل الصفقات العمومية بوزارة الخارجية ، مع المطالبة بضرورة فتح تحقيق نزيه في هذه الصفقة و صفقات أخرى شابتها أيضا تلاعبات ، بهدف إبعاد رموز الفساد الذين يستغلون مناصبهم لتبديد المال العام ، وتوجيهه خدمة لمصالحهم الشخصية .