صحابي جليل كان يضرب به المثل في حسن الصورة، وكان أمين الوحي جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صورته، وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله قد بعثة سنة ست للهجرة في الهدنة إلى قيصر رسولًا فآمن قيصر برسالة الإسلام وامتنع عليه بطارقته، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك، فقال: "ثبت الله ملكه". إنه الصحابي دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه، فعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "كان جبرائيل يأتيني على صورة دحية الكلبي، وكان دحية رجلاً جميلاً".
ودحية بن خليفة الكلبي من الأنصار، أسلم قديماً قبل غزوة بدر ولم يشهدها، ولكنه شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غزوة "أحد" وما بعدها، وقد تزوج درة بنت أبي لهب بنت عم الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله. بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قيصر ملك الروم، واسمه هرقل، فسأل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وثبت عنده صحة نبوته، فَهم بالإسلام، فلم توافقه الروم، وخافهم على ملكه فأمسك.
وفي غزوة الخندق عندما عاد المشركين أدراجهم خائبين، ولما طلع الصباح انصرف نبي الله صلى الله عليه وسلم عن الخندق راجعا إلى المدينة فالمسلمون وضعوا السلاح، فلما كان وقت الظهر، أتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم معتما بعمامة من استبرق، على بغلة على سرجها قطيفة من ديباج، فقال: أقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: "نعم"، قال جبريل عليه السلام: "ما وضعت الملائكة السلاح، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، إن الله يأمرك يا محمد بالسير إلى بني قريظة، وأنا عامد إلى بني قريظة".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً، فأذن في الناس: "إن من كان سامعاً مطيعاً فلا يصليَن العصر إلا في بني قريظة".
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة، فقال: "هل مر بكم أحد؟"، فقالوا: نعم يا رسول الله، قد مر بنا دحِية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء على سرجها قطيفة من ديباج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك جبريل، بُعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم".
وبعد مشاركة دحِية رضي الله عنه في معركة اليرموك، اتخذ من المزة قرب دمشق مقاماً له إلى أن وافته المنية في خلافة معاوية رضي الله عنه.