أيام معدودات فقط كانت تفصل الشاب جواد مروان، عن ارتشاف الشاي المغربي رفقة أسرته في مدينة طنجة هذا الصيف، بعد عودته من تركيا عقب غياب دام لأكثر من ست سنوات، غير أن الشاي سيبرد طويلاً وعائلته منيت بالدموع، فجواد سقط شهيدا برصاص الانقلابيين في تركيا عندما لبى نداء الدفاع عن الديموقراطية. “جواد” البالغ من العمر 33 عاماً، متزوج وزوجته حامل بمولودهما الأول، سافر إلى تركيا في سن مبكرة من حياته، ممنياً نفسه وعائلته، بمستقبل زاهر في بلد ينعم بأجواء الحرية والاستقرار في ظل نظام الحكم القائم بزعامة حزب “العدالة والتنمية”.
وبمجرد أن علم بالمحاولة الانقلابية التي قامت بها ثلة محدودة من الجيش تتبع منظمة “الكيان الموازي” الإرهابية التي يتزعمها فتح الله غولن، مساء الجمعة، وبنداء الرئيس طيب رجب أردوغان للخرودجدفاعاً عن الديموقراطية، خرج “جواد” ملبياً النداء مع آلاف الأتراك متصدياً بصدره لدبابات الانقلابيين الذين أردوه قتيلا.
من منزل أسرته بمدينة طنجة أقصى شمالي المغرب، تحدث والده “عبد السلام مرون” في أوائل الستينات من عمره، عن قصة ابنه. فبدلاً من أن يُزف إليه خبر أول مولود ل”جواد” بعد أشهر قليلة، كان على موعد مع فاجعة مقتله برصاصات عناصر انقلابية أمطرت متظاهرين في ساحة “تقسيم” باسطنبول، ضد التمرد العسكري في تركيا، الذي انتهى بالفشل. زوجة ابنه هاتفته السبت، تخبره بما حلّ برفيق دربها الذي كان يعمل بائعاً متجولاً في هذه المدينة التركية.
وليل الجمعة السبت، وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رسالة من خلال تطبيق على الأنترنت، إلى الشعب التركي بالنزول إلى الميادين والمطارات، لمواجهة المحاولة الانقلابية، وهو النداء الذي كان بمثابة شرارة احتجاجات عارمة في مختلف المدن التركية، تنديدا بهذه العملية.
وخلال واحدة من المظاهرات التي كان ميدان “تقسيم” مسرحاً لها، تعرض عدد من المحتجين لإطلاق أعيرة نارية، أسفرت عن إصابة ومقتل العشرات من المحتجين من بينهم “جواد مرون” الذي تلقى رصاصتين واحدة على مستوى البطن والثانية في صدره، وفق ما تحدث به والده نقلاً عن زوجته.
ولم يتلق “عبد السلام” بعد أية معلومات من طرف الجهات الرسمية المغربية، حول الإجراءات اللازمة لتسلم جثمان ابنه، باستثناء زيارة قام بها إلى منزله أحد موظفي السلطات المحلية بمحافظة طنجة، طلب خلالها بعض المعلومات عن القتيل، بحسب الوالد.
و”جواد” هو أول ضحية مغربية يتأكد مقتله جراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، في حين لم يتم الحصول على تعقيب من طرف السلطات المغربية، لتأكيد أو نفي معطيات بشأن وجود ضحايا مغاربة خلال الأحداث المذكورة.
ووفق إحصائيات رسمية تركية، فقد استشهد 161 شخصاً، وأصيب 1440 آخرين بجروح خلال اشتباكات وحوادث إثر محاولة الانقلاب الفاشلة.
وفي إطار ردود الفعل الإقليمية والدولية إزاء تلك المحاولة، أكدت المملكة المغربية أنها متشبثة باستقرار تركيا البلد المسلم الشقيق، مشيرة إلى أنها “ترفض من حيث المبدأ، أي استخدام للقوة من أجل تغيير النظام القائم وتدعو إلى المحافظة على النظام الدستوري” في هذا البلد.