لم يعد من الصعب على المرء كسب المال الوفير و انتشار صيته بين الناس,لأننا بكل بساطة نعيش زمنا كثرت فيه المنكرات بأشكالها, و رخصت فيه المبادئ و مكارم الأخلاق. فطلب العلم ,لم يعد بافتراش المدر و استناد الحجر و إدمان السهر بل أضحى علما يهم ذوي الأصوات الجميلة و الوجوه المغرية و الأجسام العارية, نعم, فالجمال اليوم, سلعة رخيصة بين أياد لا يهمها سوى المداخيل النفعية و دس سموم بين أوساط المجتمعات العربية الإسلامية, نظرا, لأن أغلبيتهم دول متخلفة ,تكثر فيها نسب الأمية و الجهل. هذا ما يدفعنا لأن نلوم الإعلام المرئي خاصة لما يقوم به من ترويج للدعارة بطريقة غير مباشرة لا يشعر بها المتلقي العادي الذي ألف متابعة المسلسلات المكسيكية و التركية صباح مساء . هذا الإعلام الذي يروج شبابنا العربي كسلعة تجعل منه آلة يسهل التحكم فيها و توجيهها كيفما شاء , فقد ولد برامجا تنذر بوباء فتاك يقتل كل المبادئ الجميلة و كل أشكال الاحترام , فكيف لا , و نسبة المظاهر الاجتماعية الخطيرة تتفشى يوما بعد يوم ؟ فكيف يرغبون بمجتمع خال من التحرش و الاغتصاب و الفساد و هم يدسونه عبر ستار أكاديمي و استوديو دوزيم و أراب أيدول و غيرهم من البرامج الترفيهية الغنائية ؟ و لكن الغريب في الأمر, هو سذاجة بعض الشباب و إقبالهم الكثيف على المشاركة في مثل هذه البرامج ذات الأهداف التطميسية , فلو طلب منهم المشاركة في الانتخابات لتقرير مصير وطنهم ,فمن المؤكد أن الرد سيكون سلبيا و سنصطدم بواقع مرير و هو ظاهرة العزوف السياسي , بل و الأكثر من هذا,لو طلب من المصوتين عبر الهواتف بالتبرع بثمن الرسالة لإنقاذ محتاج ,فمن المؤكد أن النسبة ستكون خجولة مقارنة مع الأصوات لمتبار في برنامج غنائي . هذا يوصلنا إلى الحقيقة المرة ,أن هناك خلل و انحلال خطيران ينخران البنية المجتمعية بطريقة تجعلنا نتساءل ما جدوى التعليم؟ و ما نفعية مادتي التربية الوطنية و الإسلامية في المناهج الدراسية؟ فالمغاربة أكثر الشعوب تنكرا لثقافتهم و لغتهم , تجدهم يتقنون اللهجات المصرية و اللبنانية و الخليجية بأشكالها و قريبا جدا سيتقنون التركية , يتكلمون بطلاقة بداية من الفنادق التي تقام فيها مسابقات القبول و نهاية بصعودهم على المسرح و إهانتهم و احتقارهم كما جرت العادة و عودتهم إلى المغرب منكسي الرؤوس . فأين دور الآباء؟ و اين دورك يا إعلام المصالح و الأموال ؟ فليس من الغريب أن تتجسد ملامح البطولة و الإنجازات العظيمة في عيون الشباب وأباؤهم يبعثون كل الرضى إليهم و يدعون لهم بالتوفيق في مسيرتهم الفنية و يقرون بافتخارهم الشديد بالإبنة التي ارتدت فستانا يبين مفاتنها أو الابن الذي يضع أحمر الشفاه على شفتيه ,لأنهم بذلك سيخرجونهم من غياهب الفقر إلى أنوار الثراء ,و لكن ما لا يعرفونه هؤلاء النيام ,هو أن تراجييديا مؤلمة في انتظارهم عند خط النهاية . صدق معروف الرصافي عندما قال : هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سقيت بماء المكرمات فكيف تظن بالأبناء خيرا إذا نشأوا بحضن السافلات