أكد وزير التعمير وإعداد التراب الوطني السيد إدريس مرون، اليوم الاثنين بالرباط، أن التفكير في مراجعة و تحديث منظومة التخطيط الترابي أضحى ضروريا وملحا، وذلك على ضوء المتغيرات الظرفية الهامة التي شهدتها المملكة. وأوضح السيد مرون، في كلمة خلال اللقاء التشاوري الخامس حول "تحيين منظومة التخطيط الترابي بالمغرب" الذي نظمته الوزارة، أن هذه المتغيرات تتمثل في الدستور الجديد للمملكة، الذي أرسى أسسا رائدة من قبيل الجهوية المتقدمة كمدخل رئيسي للتنظيم الترابي بالمغرب واعتماد مبادئ الحكامة الجيدة والمقاربة التشاركية والتعاقد والتشاور كأحد الركائز الحيوية في وضع وإعداد وتقييم السياسات العمومية، والأوراش المهيكلة الكبرى التي تم الشروع فيها منذ بداية الألفية الثالثة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. وأضاف السيد مرون أن هذه المتغيرات تتمثل أيضا في نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، التي كرست الوتيرة المتسارعة لحركية التعمير والتمدن وأفرزت بجلاء مجموعة من الظواهر الحضرية، مما يستوجب إقرار مقاربات متجددة وأدوات ملائمة تمكن من الإجابة على مختلف الرهانات وترشيد استغلال المجال بشكل استباقي يضمن إطار عيش كريم وفضاءات متناسقة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، وكذا في توصيات المناظرة الدولية المنظمة يوم 10 دجنبر 2014 بمناسبة الاحتفاء بمائوية استصدار أول قانون للتعمير، التي نصت على تعزيز المكاسب المحققة من التشريعات المتعاقبة والتجارب المتراكمة وكذا مواجهة الإكراهات المرصودة بغية بلورة سياسة تعميرية استشرافية و شمولية. كما تتجلى هذه المتغيرات ،حسب الوزير ، في مضامين الرسالة الملكية السامية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة المنعقدة بالصخيرات يومي 8 و9 دجنبر 2015، التي ركزت على اعتماد منظور شامل واستحضار كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والاجرائية، وحثت على ضرورة تسريع مراجعة وتحديث الترسانة القانونية للتعمير بهدف خلق المرونة اللازمة ومواكبة دينامية التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة. من جهة أخرى، أكد السيد مرون،خلال هذه الكلمة، أن الرهان اليوم هو الإسهام في بلورة رؤية جماعية مشتركة حول تعمير الغد، وذلك من خلال تعمير استشرافي يروم ترشيد استغلال المجال والموارد، ويساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، ويتوخى تقوية قدرات المجالات على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية والتطور التكنولوجي، ويثمن الهويات والخصوصيات المحلية، ويسعى إلى بلورة مقاربات متجددة لإنتاج فضاءات متناسقة، تكون أكثر إنتاجية واندماجية واستدامة وقادرة على مواجهة مختلف التحديات والرهانات. وأبرز الوزير أن هذا التعمير يجب أن يكرس أيضا مبدأ التقاسم المتوزان لتكاليف تمويل العمران، ويحرص، في الآن ذاته، على التوفيق بين التخطيط الترابي والتعمير التنظيمي وتعمير المشاريع العملياتية، وذلك بهدف صياغة منظومة شمولية وعادلة و تشاورية ومحفزة في خدمة الجهوية المتقدمة والحكامة الترابية الناجعة. و ذكر السيد مرون بأن وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني قامت بإطلاق دراسة استراتيجية واستشرافية، في هذا السياق، تروم إعادة صياغة وتجويد "منظومة التخطيط الترابي بالمغرب" كإطار مرجعي شامل ومندمج لمواكبة الديناميات والسياسات المعتمدة، موضحا أن هذه الدراسة تشكل خارطة طريق وطنية تتطلع إلى إرساء تصور جديد، يمكن منظومة التعمير من الإسهام، بالفعالية والنجاعة اللازمتين، في تأهيل مدن وقرى المغرب، وجعلها فضاءات رحبة قادرة على استقطاب الاستثمار. تجذر الإشارة إلى أن هذا اللقاء التشاوري، الذي نظمته وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، والذي حضره، على الخصوص، ثلة من رؤساء الجهات الأقاليم والجماعات، يأتي في سياق مواكبة الجهود التنموية والديناميات والسياسات العمومية المعتمدة بالمملكة وتتويجا لسلسلة من الاجتماعات التشاورية التي سبق أن نظمتها الوزارة خلال شهر أبريل المنصرم. وشكل هذا اللقاء فرصة سانحة لتعزيز المقاربة التشاركية والتشاورية مع رؤساء الجهات والمجالس الإقليمية والجماعات في ظل المتغيرات الظرفية واستنادا للاختصاصات الموكولة إليهم، مما ممكن من فتح نقاش صريح ومثمر ساهم في بلورة رؤية استراتيجية شمولية متعددة الأبعاد و متكاملة الجوانب حول منظومة التخطيط الترابي بالمملكة.