طالب العنصر، خلال المناظرة الدولية التي نظمتها وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني حول موضوع "مائة سنة من التعمير بالمغرب: التحديات والآفاق"، ببلورة تصور يساهم في إعادة التوازن للشبكة الحضرية، والتقليص من الفوارق المجالية، ويتوخى ترشيد استغلال المجال والموارد، والإسهام في التوازنات واستدامة المجالات وإنتاج فضاءات عمرانية اندماجية وإنتاجية وتضامنية. وأكد العنصر التي نظمت أمس الأربعاء بالصخيرات، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، للاحتفاء بمرور مائة سنة على استصدار أول قانون للتعمير، على ضرورة أن يساهم هذا التصور في تقوية قدرات المجالات على التكيف والتأقلم مع مختلف التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، ويشجع على البحث والابتكار في أفق تحقيق النجاعة الترابية وتحسين مناخ الأعمال، وتثمين الرأسمال اللامادي الذي يزخر به بلدنا، موصيا بتعمير يولي الموروث العمراني والمعماري الأصيل، مكانته ويعمل على تأهيله ورد الاعتبار إليه لإشراكه الفعلي في المنظومة الإنتاجية الاقتصادية، ويفرز الهويات والخصوصيات المحلية لضمان صيرورة الإبداعات المتميزة التي عرفتها بلادنا في هذا المجال، ويشجع على تقاسم قيم ومبادئ المجتمع المغربي. كما شدد العنصر، في المناظرة التي عرفت مشاركة خبراء ومسؤولين من أزيد من 30 دولة، على تعمير يعمل على توفير المرافق والفضاءات العمومية والخدمات الحضرية الضرورية للعيش الكريم، ويضمن التقاسم المتوازن لتكاليف تمويل التعمير والقيمة المضافة الناتجة، مؤكدا على ضرورة أن يكون التعمير عادلا ومنصفا وتشاوريا ومحفزا في خدمة الجهوية المتقدمة لإرساء قواعد الحكامة الترابية الناجعة، معلنا أن الظروف التي أملت استصدار ظهير 1914"تغيرت جذريا، وبات من الواجب اليوم صياغة تعمير جديد يأخذ بعين الاعتبار الإشكاليات والرهانات الجديدة التي تفرض نفسها اليوم". وقال العنصر إن "التحدي الأكبر اليوم لا يكمن في الاكتفاء بالتصحيحات الطفيفة أو الملاءمات الجزئية، بل يفرض بلورة سياسة تعميرية شمولية محكمة المبادئ، عتيدة القواعد، مضبوطة الآليات، وواضحة المقاصد، لإرساء إطار مرجعي من شأنه تحقيق التنمية المستدامة لتأهيل مجالاتنا الترابية لمجابهة مختلف التحديات، من منطلق حاجيات التطور العمراني المتسارِع، وضمان التماسك الاجتماعي، وتعزيز تنافسية المدن، وتحقيق شروط الاستدامة في ميدان التهيئة والتخطيط، وذلك لتحقيق المشروع المجتمعي الحداثي الذي تراهن عليه بلادنا، ومواكبة تنفيذ المضامين الرائدة لدستور المملكة، وخاصة تلك المتعلقة بالجهوية المتقدمة". وأبرز أن الاحتفاء بذكرى مرور مائة سنة على إقرار أول قانون للتعمير ببلادنا بتاريخ 16أبريل1914 ، الذي ينعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جاء على اعتبار تاريخ المغرب المتجذر "في الممارسات المعمارية والعمرانية، حيث تعايشت ببلادنا، بفعل المبادلات التجارية عبر التاريخ، مدن أمازيغية وفينيقية ورومانية، تشهد على وجودها الأبحاث والدراسات الأركيولوجيةّ"، مضيفا أن النهضة العمرانية التي تزامنت مع الحقبة الإسلامية، مكنت من تشييد العديد من المدن العتيقة المتميزة بحسن اختيار مواقعها، وتوزيع محكم لمختلف المناطق والأنشطة بداخلها، ونوعية المواد المستعملة لتشييدها، وكذا الثقافة العمرانية السائدة آنذاك بها، وهو ما يمكن وصفه بمجالات ذكية إذا ما تمت مقارنته بالتعريفات الحديثة للمدن الذكية. واستعرض المشاركون في المناظرة التي عرفت مشاركة 600 فاعل وخبير في ميدان التهيئة والتعمير على المستوى الوطني والدولي،تاريخ التعمير، داعين إلى تعزيز مكاسب مائة سنة من التشريعات المتعاقبة والتفكير في وضع مقاربة متجددة، وإرساء إطار مرجعي من شأنه تحقيق التنمية المستدامة لتأهيل مجالاتنا الترابية مع مراعاة التوفيق بين قيم الحداثة وضرورة تثمين الهويات والخصوصيات الجهوية والمحلية، وكذا اقتصاد الموارد بكل أنواعها. كما عرف اللقاء توقيع اتفاقية مع بريد المغرب، واستصدار طابع بريدي خاص بالاحتفاء بمائوية أول قانون للتعمير، وتنظيم معرض خاص بمنجزات مائة سنة من التعمير بالمغرب.