تهل علينا هذه الأيام في الثاني والعشرين من شهر مارس ذكرى استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين والتي تمثل ملحمة تاريخية و وقفة جهادية أمام مشهد استشهادي بليغ لا يزال المسلم المعاصر يفتخر به إلى أن يشاء الله. وإننا إذ نستحضر هذه الذكرى التاريخية لنستلهم منها العبر والعظات من شجاعة الموقف الذي وقفوه هؤلاء القادة العظماء في وجه الظلم والطغيان و ضد الاستبداد و الاستعباد الذي وقع على أمتنا، فإننا وفي ذات الوقت نستوقف أنفسنا لنرفع الهمم ونشحذ العزائم لنسمو سويا إلى القمم ، على درب الشهداء الصادقين. ولد الشيخ أحمد ياسين في الثامن و العشرين من يونيو سنة 1938م في قرية الجورة، قضاء المجدل جنوبي قطاع غزة، لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة بعد حرب 1948م. يعتبر من أعلام الدعوة الاسلامية حيث أسس حركة المقاومة الاسلامية حماس و ترأس المجمع الإسلامي في غزة . في فترة شبابه تعرض لحادث أثناء ممارسته للرياضة نتج عنه شلل جميع أطرافه شللاً تاماً، عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية ثم عمل خطيباً في مساجد غزة حيث أصبح في ظل الاحتلال أشهر خطيب عرفه قطاع غزة لقوة حجته وتشبته بالحق . اعتقل الشيخ المجاهد عام 1403ه الموافق عام 1983م بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيمٍ عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت في حقه المحكمة الصهيونية حكماً بالسجن 13 عاماً. أفرج عنه عام 1405ه الموافق عام 1985م في إطار عملية تبادل ٍ للأسرى بين سلطات الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، ومع تصاعد الانتفاضة بدأ العدو الصهيوني في التفكير في وسيلةٍ لإيقاف نشاط الشيخ أحمد ياسين فقام في عام 1408ه - 1988م بمداهمة منزله وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان، ثم ألقي القبض عليه مع المئات من أبناء الشعب الفلسطيني عام 1409ه - 1989م في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات المختلفة على جنود الاحتلال ومستوطنيه واغتيال العملاء. في عام 1411ه - 1991م أصدرت إحدى المحاكم الصهيونية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاماً أخرى بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنودٍ صهاينة وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني. وفي عام 1417ه - 1997م تم الإفراج عنه بموجب اتفاقٍ تم التوصل إليه بين الأردن والعدو الصهيوني على إثر العملية الإرهابية الفاشلة التي قام بها الموساد في الأردن، والتي استهدفت حياة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. بعد أن أدى صلاة الفجر في جماعة في مسجد المجمع الإسلامي يوم الاثنين 1/ صفر /1925 ه الموافق 22/3/2004م ، جلس رحمه الله مع شباب المسجد في حلقة القرآن، ثم خرج من المسجد متوجهاً إلى بيته وفي منتصف الطريق قامت الطائرات الصهيونية وبإشراف من شارون نفسه باغتيال الشيخ أحمد ياسين وذلك بإطلاق صواريخ أدت إلى استشهاده وخمسة من المصلين واثنين من مرافقيه. لقد تناثرت أشلاؤك يا شيخنا العظيم، وتحطم الكرسي الذي أرهب العالمين، و شهد العالم مجزرة القرن الواحد والعشرين. إن يوم استشهادك يا شيخنا الجليل هو انبعاث جديد لمقاومة الظلم و العدوان، يوم استشهادك سيظل عنوانا لممانعة الحيف و الطغيان ، يوم استشهادك استنهاض للهمم و الوجدان ، شيعوا جنازتك الطاهرة أبناء مصر و الأردن ولبنان , و افتخروا ببطولاتك أهل سوريا و اليمن و السودان . رحلت عنا يا شيخنا القعيد لكن لم ترحل عنا مبادئك و مواقفك و شجاعتك....... سمعنا إلى رسالتكم بصوتك الرصين وفهمها أبناؤك في قرى و مدن فلسطين...... فرحم الله شيخ المجاهدين .