في زمن التشدق بالديمقراطية والقيم "المستنسخة" للحداثة الغريبة، عفوا "الغربية"، نشهد مشهدا تقشعر له الأبدان ويشيب لمرآه الولدان.. نشهد مشهدا بشعا في أفق كنا ولا زلنا نتمناه مشرقا.. نرى ونسمع والعالم معنا كيف يغبن المواطن في أبسط حقوقه التي تمجدها كل مواثيق الدنيا "ورقيا" فقط.. نرى كيف يستسلم الإنسان لليأس في بلد يتشدق القائمين على أمره بقيم الحرية والنزاهة والإنسانية والإسلاموية.. نشهد مشهدا مرعبا.. ليس في حد ذاته .. لأن حياتنا هي فعلا أصبحت سلسلة مشاهد لفلم رعب وبشاعة.. نشهده مرعبا لأنه يمس إحدى أرقى القيم التي بني عليها المجتمع العربي الإسلامي.. نشهد مشهد إنسانة تشوي نفسها في جهنم الدنيا التي تعيشها.. دون ذنوب.. لعل النار تغسل عيوب زمن أدار وجهه للمسن والوليد قبل الراشد العاطل.. تشوي "مي فتيحة" نفسها بالقنيطرة، وتقدم حياتها وعذابها قربانا في محراب سلطة تأبى إلا أن تستأسد على الضعيف دون أن تجرؤ حتى أن تُسائل القوي.. هذه المواطنة المكافحة التي آثرت أن تكسب قوت يومها في بلد تنكر لها بأبسط حقوقها.. وهو العيش الكريم.. آثرت أن تقوم بنشاط مدر للدخل، ولو على بساطته، لكنه يكفيها الحاجة ومد اليد والسؤال لمن "يسوى أو ما يسواش".. لكن السلطة الفاجرة.. ونقول هنا فاجرة استدعاءا للمفهوم من الحقل الفقهي الذي يعتبر أن في الفجور خروجا عن المألوف من السلوك القويم وإثيان الفعل الرديء المخالف للمكارم الأخلاق التي بعث النبي (ص) من أجل إتمامها.. تلك السلطة التي لا تعي معنى مفهوم الأمة التي يحدد النبي الكريم إحدى أهم خصالها في حديثه الشريف : { ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا}.. وسيرا على قول الإمام علي كرم الله وجهه المأثور " كلمة حق يراد بها باطل" تم منع "مي فتيحة" من كسب رزقها.. بداعي أنها ..وهي المرأة المناضلة المتحملة لمصاريف أسرة.. تحتل الملك العام!!.. يا سلام!!.. أمام مشاهدة العادي والبادي للمقاهي عبر جميع ربوع هذا الوطن السعيد، وهي تلتهم الأرصفة وتحولها إلى "طريراسات" دون أن تجد رادعا.. فيا سبحان الله!!.. احتلال "مي فتيحة" بعربتها البسيطة للملك العام يشكل خطرا على السلطة.. أما استعمار المقاهي والمحلات التجارية للأرصفة وأحيانا الشوارع.. فلا يعتبر في تقدير السلطات المغربية احتلالا للمك العمومي.. حتى ترى البلدوزر (الطراكس) تستعمل لتدمير العربات.. وهي المصممة لتدمير المباني.. التي يقف الكثير منها شامخا على أرض الملك العمومي بكل الحلل الملونة والمزركشة والفاخرة.. دون أدنى تهديد حتى.. أليس هذا هو الظلم بعينه.. أليس هذا هو الجور.. فكيف إذن نريد لهذا البلد السعيد أن يتقدم ويتطور وينتصر في جميع معاركه التنموية، وحتى ضد مناوئي وحدته الترابية؟.. ونحن نستحضر قول النبي الكريم في حديثه الشريف "{ إن الله ينصر الدولة الكافرة إذا كانت عادلة ولا ينصر الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة} فالعدل أساس الملك.. ولا دولة بدون حق. قد يعترض معترض مدعيا أننا هنا نشجع الفوضى واعتداء الباعة الجوالين على حقوق أصحاب المتاجر، وغلقهم وتلويثهم للطرقات..وغير ذلك من مساوئ هؤلاء الباعة.. فنقول: إننا لسنا ضد تحرير الملك العام ممن يستغله دون وجه حق، ومن الذي في استغلاله يضر بغيره.. لكننا نتحدث عن احترام حق المواطن في الشغل.. وحقه في حياة كريمة مثله مثل غيره من البشر في سائر ربوع المعمور.. ولهذا نقول للسلطات المحلية.. لسنا ضد إجراءاتك الهادفة إلى تحرير الملك العام. لكننا ضد هجومك على الباعة الجوالين دون أن توفر حلول بديلة قبلية.. فكما يعرف القاصي والداني: أسهل شيء هو المنع، والرفض، والهدم.. لكن البناء يلزمه أناسه الذين يبدو أن سلطاتنا المحلية ليسوا منهم.. أو على الأقل من يملك تحريك السلطات ليس منهم.. لأنه بكل بساطة فقير.. فقير في الأفكار والحلول التنموية التي هو مؤتمن على العباد في حسن خلقها وتدبيرها.. وقوي في استعمال القوة ضد المستضعفين.. نقول ماذا تريدون من "مي فتيحة"؟ بالقنيطرة؟ ومي فاطنة في الأرياف و خولة ودنيا وفاطمة ومحمد وإبراهيم والعربي و بوعزة والمعطي وهشام وسعاد و كل المغاربة في الدارالبيضاء وطنجة والحسيمة والرباط والجديدة وسطات وكلميم والعيون والداخلة ووادي زم والشماعية والعرائش والحسيمة وغيرها..؟؟ حتى تسود الدنيا في أعين "مي فتيحة" وتشوي نفسها من مرارة "الحكرة"، ماذا تريدون يا جماعة بنكيران؟ يا من تزعمون تسمية حزبكم "بالعدالة" والمقاهي تترك محتلة للملك العام ويجنى على الباعة الجوالين البسطاء..و"التنمية" وعربات الباعة التي تعبر عن فكر يحل معضلة البطالة التي عزت حكومتكم وما قبلها عن حلها، وينتج فائض القيمة، ويكسب أصاحبها أرزاقهم.. في بلد أوصدت فيه أبواب الشغل إلا في شعارات الدكاكين الانتحابية.. كيف نرى مي فتيحة تشوي نفسها ونقتنع بعد ذلك أن في هذا البلد "عدالة" و"تنمية"؟؟؟.. اللهم إن هذا منكر.. قد يعتبرنا البعض متحاملين على حزب المصباح علما أنه ليس الوحيد في الحكومة.. نجيبه بكل بساطة أننا نحمله المسؤولية لأنه هو الذي يقود.. والقائد هو المسؤول الأول.. وإلا كان حري به أن لا يتصدر مسؤولية قيادة هو ليس أهل لها.. إننا نتحدث عن مسؤولية حكومة تسوس وتدبر شؤون البلاد والعباد.. وتتحمل مسؤولية تمكينهم من حقوقهم.. لا عن حكومة تسن وتفرض ما تشاء على من هم تحت سيطرتها وتعفو وتصفح عن من هم فوق سلطتها.. نحن نتحدث عن حكومة حقيقة وليس حكومة كراكيز أو كومبارس تلعب دور المحلل (كما في أفلام عادل إمام) لحكومة الظل.. إننا نتحدث عن أناس اعتقدنا واهمين أنهم على قدر المسؤولية.. لنفاجأ بتواصل مسلسل إفقار الفقير وإغناء الغني.. وبيع كل شيء حتى حق الإنسان في التعليم.. نتحدث عن حكومة مسؤولة وليس حكومة تلعب لعبة جر الحبل فقط لأنها أصدرت ما أصدرت وعلى المستضعفين الانصياع!!.. نحن نتحدث بكل بساطة عن وهم عشناه!.. وحلم تحول إلى كابوس!.. أبطاله ذوي اللحى المزيفة الذين يذيلون كلامهم ب"إن شاء الله الرحمان الرحيم" والحقيقة أنهم يملون على البلاد ما شاء العبد المستقوي.. على قاعدة ما قاله فرعون وهو يودي بقومه إلى الهلاك " لا أريكم إلا ما أرى.. وما أهديهم إلا سبل الرشاد". ليرحمك الله يا "مي فتيحة" وليتغمدك برحمته الواسعة، وليتجاوز عن ذنبك العظيم في قتل نفسك.. التي ما قتلتها أنت.. بل من يدعي أنه يدبر بمشيئة الرحمان الرحيم ويعمل عمل "ما أريكم إلا ما أرى".. السلام عليكم.