وأنا أتابع برنامجا تلفزيا في القناة الثامنة، حول العنف داخل الجامعة المغربية، فأثارني الموضوع، فقلت: لما كنت في الجامعة، لم أكن ممن استهوتهم النقاشات التي تعبر عن تصنيف ما، أو إيديولوجيا ما، ولم تغويني تلك الشعارات التي تشد انتباه الطالب الجديد، وأحكِّم العقل بدل العاطفة في كل ظروفي. وبالرغم من الإغراءات، والاستدعاءات التي تأتيني كل وقت، ووتبع أثري، كي أكون من حاملي المشعل، أو من رائجي الأفكار، فلم أستجب. فكم من طالب فقد صديقه، الذي كبر معه، ودرس إلى جانبه في الثانوية، ويحملان الهموم نفسها، خصوصا، إذا كانا في بلدة واحدة. لم أكن أعرف إلا العلم، وكثيرا ما أفكر في عائلتي، وانتظاراتها، وهي التي لم تستفد من بلدي شيئا، فكيف بي أن أغرر بنفسي لأشياء عبثية، وأزيد من محنتهنم. و" الأشياء إذا صنفت تموت " أو كما قال الناقد الفرنسي رولان بارت. والتصنيف قد يعني الانتماء. كنت حريصا على الحفاظ بأفكاري ومواقفي، إلى حين؛ وبحق، كنت نفعيا بامتياز.. الجامعة فضاء للعلم، لا لشيء آخر، وينبغي أن نعيش فيها كإخوة، لا أن نموت كحمقى. فلا الإدارة تظلم، ولا الطالب ينتمي، ويلهو، وعلى الكل أن يعي بالمسؤولية، من أجل الكل دائما. وهذا، يدعي أنه حر، ومفكر، ومناضل، ليدافع عن الناس؛ وكلامه مردود عليه، والعلة؛ غالبا ما يتخلى عن ذلك فور مغادرته أسوار الجامعة، نحو العمل الذي يتطلب الحياد في كل شيء، من أجل كل شيء. فإذا استطعت أن تنجح، ثم تحصل على عمل، فلك كامل الحرية والوقت، لتعبر عما شئت من أفكار ومواقف، عن طريق التأليف والكتابة. وهكذا، فإن الكل يتحمل جزءا من المسؤولية، فيما يجري داخل جامعاتنا. وهذه خلاصة أربعة أعوام، قضيتها في الجامعة، ثلاثة في سلك الإجازة، والرابع في سلك الماستر.