بريء كبراءة الذئب من دم يوسف هو أبريل, التصقت به صفة الكذب منذ قرون و لازمته و لازمت كل من كتب على شهادة ميلاده مزداد بأبريل . ربما ضحايا كذبة أبريل أكثر من ضحايا الحرب العالمية الثانية فالبعض يتفنن منذ دخول مارس في صنع كذبة لا تفقس بسهولة و البعض الآخر يجعل منه حراما في أول يوم من أبريل و يحذر من أن نكون الجاني أو حتى الضحية فقط هذا اليوم و لكم الحرية طيلة السنة في الكذب و النفاق و الخداع و حياكة المقالب . نيسان الذي طرق باب فيروز و فر قبل أن تفتح الباب , فمنذ أسبوع و اغنية فيروز عالقة في ذهني فبنيت عليها هذا المقال متمنية أن نجعل يوما واحدا فالسنة للصدق , فالكذب حبله قصير و كلما طالت المدة كبرت الكذبة و صار الإفصاح عن الحقيقة أمر عسير . لتجر الكذبة أختها و تتوالى الأيام لتنسى أنت بنفسك ما الكذب و ما الصحيح في كلامك . استيقظ صبيحة الجمعة ظنا أنه يوما عاديا كغيره ليجد على صفحته في الفايسبوك أخبارا غريبة لكنها جميلة : انتهاء الأزمة الاقتصادية العالمية , عودة السوريون لموطنهم في سلام , الدخل الفردي للمواطن يزداد أربعة أضعاف , القطار أتى قبل موعده بعشر دقائق و القرويون مسرورون بعد توصيلهم بشبكة الانترنيت و لا ديون على الدولة و لا ينام أحد فيها جائعا أو عاريا . كل شيء على ما يرام ليكتشف في آخر النهار أن اليوم هو أول يوم من أبريل. ببساطة إن الأزمة الحقيقية هي أن ندرك أن الواقع مرير و نكذب بشأنه دون أي محاولة لتغييره, أو لجعل كل ما سبق حقيقة نحتفي بها كل يوم. لا تفسح المجال ليحبك الكذب ليظهر أمامك كلما بحثت عن حل و لا تتحجج بأي يوم من السنة لتكذب. فالكذبة الأولى هي النقطة الفاصلة بينك و بين الاعتياد على الكذب و حبك له , فمهما كانت الحقيقة مؤلمة قد يتقبلها الشخص الذي أمامك على أن يتقبل أنك تكذب عليه و تخدعه . و إن صار الأمر مرة كن متيقنا على أنه سيصبح طبيعة و عادة. ربما الكذب غريزة إنسانية وجدت منذ أن وجد الإنسان, لكن علينا أن نكون أقوى من أن نخضع لغرائزنا و أن نكوي بالنار شهواتنا التي تزين لنا الكذب و غيره من الآفات. فالكذب وصمة عار على جبين صاحبه ستعلق به أينما رحل و ارتحل و بأولاده و أحفاده و كل سلالته. إياكم من الكذب أن يصبح مقياسا لخطواتنا و مذاقا به تحلو علاقاتنا. عندما يصير الافتراء و الافتئات و المكر و الإفساد من سماتنا و أخلاقنا و الصدق و الثقة و الصراحة من الشيم الغابرة. أن يصبح الكذب ضروريا في معاملاتنا و دنيانا و أهون من سماع الحقائق و مواجهتها. و ليطرق الصدق بابنا كل شهر و كل يوم و كل لحظة.