تناولت المنابر الإعلامية المغربية خبر إقدام المجلس الأعلى للتعليم إلى إلغاء مجانية التعليم ، و جاء الخبر على الشكل التالي: "قام المجلس الأعلى للتعليم، أول أمس الأربعاء، في دورته التاسعة، بوضع اللمسات الأخيرة على قرار القطع مع مجانية التعليم العمومي، وذلك بعد سلسلة من المشاورات خصت العاملين بالقطاع.. وأوضحت مصادر عليمة أن مشاورات المجلس التي استمرت ليومي الأربعاء والخميس، اتجهت نحو الاتفاق على فرض رسوم على الأسر التي لديها دخل كيفما كان نوعه، فيما تم إعفاء فئة من الأسر المغربية التي تدخل ضمن لائحة المعوزين من هذه الرسوم. من جهة أخرى أكد عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، في افتتاح الدورة التاسعة للجمعية العامة للمجلس المنعقدة أول أمس بالرباط، أن الرؤية التي اعتمدت في ماي الماضي، تسير قدما على طريق تقاسمها، باقتناع من قبل الحكومة ومختلف المؤسسات ومكونات المجتمع وفعالياته، معبئة دعما وانخراطا واسعين، ومحققة خطوات وازنة، تؤشر على سداد ونجاعة اختيارات التغيير التي تتضمنها، وعلى نجاح البرامج التواصلية التي خصها بها المجلس. وأكد أن الرؤية الاستراتيجية أضحت بالتدريج ملكا لجميع المغاربة، وخارطة طريق لبناء مدرسة العصر، الجديرة بالمشروع المجتمعي المواطن الديمقراطي والتنموي، الذي يتبناه المغرب. انتهى الخبر هنا، لكن دائما علينا التساؤل وطرح ذلك السؤال الشقي: «لماذا؟" و نُسائل السيد" عمر عزيمان" هل فعلا أضحت الرؤية الاستراتيجية ملكا للمغاربة؟ مع من تشاورت و مع من تكلمت لكي تَصِلَ إلى هذه النتيجة؟ و ماهي البرامج التواصلية التي تتحدث عنها ؟ متى كانت و متى تواصلت مع المجتمع؟نحن نعلم مكونات المجلس الأعلى للتعليم و الطريقة التي تم اختيار أعضاءه، فهم يمثلون مصالحهم و مصالح المؤسسات التي يتكلمون بإسمها، أما الشعب و مصلحته و مصلحة أبناءه و تلاميذه فهي أبعد و أخر ما يمكن أن يُفكروا فيها. سيخرج بعض المحسوبين و المدافعين عن الحكومة و قراراتها و سيكَذِّبون هذا الأمر كما سيُكذِّبون كلام وزير التعليم العالي الدي قال أن على الراغبين في تدريس أبناءهم في الجامعات أن" يحُكّوا جيوبهم". و سيقولون أن الخبر لا صحة له، ثُمَّ بعدها سيقولون أن التوصية استشارية غير مُلْزِمة في الوقت الراهن و ستَخُصُّ التعليم العالي و التأهيلي فقط ،ولا تَخُصُّ التعليم الابتدائي و الإعدادي، اللذان سيبقان مجانيان،و بعد أن تَهدأ العاصفة سيصدر قرار بتطبيق هذه التوصية على جميع الأسلاك فيما بعد لأن فيها مصلحة الوطن. لن أطيل في الكلام. مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، لكن بالمقابل على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها و ذلك عن طريق توفير مدارس لائقة بأطفالنا، حيث لا اكتظاظ و لا أقسام مشتركة . مدارس تتوفر على التجهيزات الضرورية من نقل و إعلاميات و وسائل ديداكتيكية في متناول التلاميذ و الأساتذة . حيث لا يُعقل أن نبقى نُدَرِّس أبناء وطننا في نفس هذه المدارس و في مثل هذه الظروف بعد إلغاء المجانية. مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، و لننتظر ردة فعل النقابات الأكثر تمثيلية والتي لن تزيد عن بعض من البلاغات التي لا تُسمن و لا تُغني من جوع. ستَشجُب ثم تندد و تقول أن الدولة تخلت عن أبناء الشعب ، ثم تعود إلى سباتها العميق. مرحبا بإلغاء مجانية التعليم: وهنا يَحضُرني قولة الثور الأحمر حين قال:" لقد أُكِلت ُ يوم أكل الثور الأبيض" . فعندما كان الأساتذة المتدربون و قبلهم الأطباء ينتفضون ضد قرارات الحكومة اللاشعبية ، كان هناك العديد من المطبلين الذين يشمتون من هؤلاء و يشتمونهم . و إنه لَيَحُزُّ في النفس أن تجد بعض الأساتذة يفرحون لما ألت إليه المدرسة العمومية فتراهم يقفون في صف الذي يضرب إخوانهم في شوارع الوطن و لم يُحرك فيه هذا الأمر ساكنا. بل إنهم حتى لم يقولوا إن هذا منكر. بل الأدهى أنهم ينتقدون إخوانهم رغم أن هؤلاء الأساتذة المتدربون قد يكونوا أحسن منهم في العلم و التدريس،أساتذة نَبَّهوا الشعب حول المؤامرة التي تُحاكُ حول المدرسة العمومية لكنهم في المقابل حصدوا الخِذْلان من طرف زملاءهم في المهنة..هل مع مثل هؤلاء الأشخاص المنبطحين أيَّما انبطاح قد تقف في وجه هذا القرار؟ الجواب واضح لن يحتاج إلى كثرة تفكير. رغم التنديد الذي سيُصاحب القرار، سيسري الأمر على الجميع كما سرت قرارات أخرى لاشعبيةلا داعي لذكرها بدأت كإشاعة ثم تَمَّ تطبيقها بتواطؤ مع جميع الفئات:" أحزاب سواء في الحكومة أو المعارضة، نقابات، جمعيات، مؤسسات سياسية أو مدنية...." الكل له نصيب في الحالة التي وصلنا إليها، كما لا ننسى أن للشعب أيضا دور في ذلك، شعب لا يرى إلا مصلحته الذاتية، يرى أن كل القرارات التي اتخّذتها الحكومة بعيدة عنه ولا تَمُسُهُ لا من قريب و لا من بعيد، لكنه لا يدري أن النار ستصله إن لم تكن عاجلا فأجلا.
في الختام أقول باختصار: مرحبا بإلغاء مجانية التعليم، و مرحبا بإملاءات البنك الدولي .و مرحبا بعصر الانبطاح.