منَ المعلومِ لدى العامة والخاصة أن يوم 8 مارس من كلِّ سنةٍ يمثِّلُ اليوم العالمي / الدولي للمرأةِ، وفيه يحتفلُ "عالميًا" بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. وانسياقاً مع هذا المعنَى، فإن الكثير من النساءِ يحتفلنَ بهذا اليوم، أو يعظِّمْنَه وإن لم يحتفلن بهِ، بغضِّ النظر عن دينهم، أو عرقهم، أو جنسهم، أو فِكرِهم ! منهنَّ منْ يحتفلُ عنْ وعيٍ وإدراكٍ - يعرفنَ خلفيّتهُ العِلمانيّة، والاشتراكية، والشيوعيّة- ، والبعض الآخرُ منهنَّ يحتفلُ اتباعاً وتقليداً دونَ معرفةِ أصلهِ ونشأتهِ. أردتُ بعد ذلكَ أن أعرفَ ما هوَ اليومَ العالمي للرجلِ، اليومُ الذي يحتفلُ فيهِ بإنجازاتِ الرجلِ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... ، فبحثتُ في محرك البحث "Google" وفي الموسوعة الحرة "wikipedia" فلمْ أجدْ عنهُ شيئاً ! فكّرتُ في الأسبابِ التِي تجعلُهمْ يحتفلونَ بالمرأة ولا يحتفلونَ بالرجل، فتبينَ لي : - أنهم ينظرونَ إلى المرأة نظرةً تشيئية - على أنها شيء - ، فيحتفلونَ بها كما يحتفلون بباقي الأشياء (العمل، البيئة، حقوق الإنسان، النظافة، الصحة، السعادة، التمييز العنصري، الحيوان، واللائحةُ تطول ..). - أنَّ الرجلَ لاَ يحتاجُ إلى احتفال بهِ، لأنهُ هو العنصر الإنساني المميزُ، وتخصيصهُ يوماً للمرأةِ يأتي تكرماً وفضلاً منه. وبالتالي فإن هذا اليومَ نفسهُ يكرّسُ عقلية "اللامساواة" ولاَ يكرّسُ مفهوم "المساواة" كمَا يعتقدُ الكثيرُ من الناس. نحنُ لاَ نقولُ أنهُ لا يجبُ تكريمُ المرأةِ والاحتفال بها، والتعريف بإنجازاتها وما حققته، فهذهِ المرأة في النهايةِ هي : الأم، والزوجةُ، والأخت، والخالةُ، والعمةُ، والجدة الخ، وهيَ الشقُّ الآخر للإنسان، فالإنسانُ رجلٌ وامرأةٌ. تكريمُ المرأة لا يتعلقُ بيومٍ أو شهرٍ، ولا بزمانِ أو مكانٍ، قالَ تعالَى في محكمِ تنزيله [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا] (1)، فالإنسانُ مكرمٌ أصالةً - رجلاً كانَ أمِ امرأةً، ذكراً كانَ أم أنثى- ، تكريماً أزليّاً. إنَّ تكريمُ المرأةِ واجبُ حياتيٌّ، ومبداٌ إنسانيٌّ، وقانونٌ أخلاقيٌّ، بين الزوج وزوجتهِ، وبين الابن وأمّه، وبين الأخِ وأختِه، بينَ بنِي الإنسانِ علَى السواء.