الكاتب ليس عليه أن يصلح المجتمع , وليس عليه أن يصحح المفاهيم , وليس عليه أن يغير العالم وليس عليه أن يضع المعايير . الكاتب عليه أن يدل على الطريق لعمل هذه الأشياء وهذه هي مهمة الكاتب , ولكن البعض يطلب من الكاتب أن يفعل هذه الأشياء , وهم مخطئون . فالكاتب فكرة وكلمة وقلم . التغيير ينبع من داخلنا كلنا , ولذلك قال الله سبحانه وتعالى , { إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم } , فمتى أردنا التغيير , فسيعيننا الله عليه , ولكن لن نتغير ونحن نرزح تحت قيود الفكر والأخلاق التي زرعها الطغاة فينا , التغيير يلزمنا أن نبحث في كل قيمة نؤمن بها أو نعتقدها , ونضعها على المحك , التغيير يلزمنا أن نعرف ديننا , معرفة حقيقية وليست ظنية , فالكثير والكثير يظن انه يعرف دينه , ولكن تجده لا يعرف من الدين إلا بعض الحلال والحرام والعبادات , ولكنه لا يعرف الفكر والأخلاق . التغيير يلزمنا أن نرى كل مفردة في أخلاقنا وتصرفاتنا اليومية , هل هي إسلامية أم لا ؟ يؤمن الكل ويكرر القول بان الدين عند الله الإسلام , ويحفظ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ولكن عند التطبيق تجده بعيدا عن الإسلام , لآن الإسلام هو الأخلاق . يقرأ الكل قول الله سبحانه وتعالى " إنَّ الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ " ولكنه لا ينتبه كيف فهمها الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود إذا يقول (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعداً) , إذن الإسلام أخلاق وعدل , كم أحب دين الله , كم أحب الإسلام , وكم اشتقاق لصحابة رسول لله , أرى فيهم التطبيق الحق لدين الله , أرى فيهم الإتباع الحق لرسول الله الذي كان خلقه القران , والقران عدل وإحسان , أين نحن من القران ومن الحديث , تجدنا نبحث في الحلال والحرام , ونجتهد في البحث فيهما , ولكننا لا نبحث في العدل والإحسان , لا نبحث في خلق الإسلام . كم أتمنى أن نقرأ يوميا , ويدرس أبنائنا يوميا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح ْ "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟" قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ : "إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ". يا ألله , مفاسد مثل الشتم والقذف لا تحبط اجر الصلاة والصوم والزكاة فقط , بل وتحول أجرها لمن تعرض له . ابعد ذلك عدل ؟ أبعد هذا ننسى أهمية الخلق في ديننا ؟ فالتغيير يبدأ عندما نكون مسلمين حقا , مسلمين نبحث في أخلاق الإسلام , وفي عدل الإسلام وفي إحسان الإسلام . أذكر احد الشباب عندما أخطأت في كتابة كلمة , أرسل لي ينصحني بتغييرها , ولكن لم اعرف كيف تصلح , أرسل بعدها رسالة يخرجني فيها من الملة , يخرجني من الإسلام , بعض الشباب , يجعل من الإسلام هواية على الانترنت , وليس طريق حياة وسبيل نجاة . البعض يرسل البعض الرسائل الدعوية , في حجاب المرآة وفي صوم عاشوراء وفي فضل صلاة الجماعة وما إليها , ولكنه بعدها يكذب ويشتم ويلعن ويسب ولا يهتم بعمله ولا بدراسته ولا بأمور أمته , فيكيفه من الإسلام الهواية . هو يهوى الإسلام ويعمل له في أوقات فراغه فقط . البعض لا يتورع عن سب المخالفين لرأيه بأقذع الألفاظ ولا يتوانى عن الكذب عليهم , وهو يذكر الله بين الفينة والأخرى. هكذا لن نتطور , لن نتقدم , لن نسابق الأمم , بل سنبقى في المؤخرة , ندعي الإسلام ونحن ابعد منه بعد المشرق عن المغرب . يجب أن نغير ما بأنفسنا ليغير الله ما بنا . اعلم أن الطريق طويل وشائك , ولكن هي بداية ويجب أن نخطو الخطوة الأولى , يجب أن نحاكم أنفسنا , هل نحن مسلمون حقا ؟ أقولها وبصوت عالي , لن نكون مسلمين حتى يكون خلقنا يرضي الله ورسوله , علينا أن نحكم على أخلاقنا بمعيار " العدل والإحسان" , لا بمعيار الرأي والهوى . أتمنى على كل قارئ لهذا أن يبحث داخل نفسه . هل خلقه وتصرفاته ومعاملاته وتعامله مع الآخرين يتماشى مع الخلق الإسلامي الحق ؟ مع العدل والإحسان ؟ يجب أن لا نتردد عن سؤال أنفسنا , هل نحن مسلمون حقا ؟ وأن نجتهد أن نكون مسلمين , أخلاقنا أخلاق الإسلام وتصرفاتنا تصرفات المسلمين وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي .