أكد وزير الطاقة والمعادن السيد عبد القادر اعمارة اليوم الأربعاء بمراكش أن رفع التحديات الطاقية التي تواجهها البلدان العربية رهين بإرساء تعاون وثيق واندماج جهوي موسع، بغرض الاستفادة من أوجه التكامل الممكنة ومن تحويل جميع فرص التعاون المتاحة على مستوى الوطن العربي إلى مشاريع حقيقية ذات نفع مشترك. وأضاف في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الخامس للاتحاد العربي للكهرباء حول موضوع "التوازنات في مزيج الطاقات التقليدية والجديدة والمتجددة في الأنظمة الكهربائية"، أن بلوغ هذا الهدف يستدعي تنسيق الجهود لضمان أكبر قدر من التناغم والتقارب بين الاستراتيجيات القطاعية وتعبئة التمويل اللازم لتحقيق المزيد من الاستثمارات المرتبطة بالنقل والربط الكهربائيين في المنطقة العربية. واعتبر الوزير، أن الربط الكهربائي العربي وإرساء سوق عربية للكهرباء يعتبران من بين أهم اهتمامات العمل العربي المشترك في مجال الكهرباء، وهو الشيء الذي تجسد جليا في إطار دراسة الربط العربي الشامل وتقييم استغلال الغاز الطبيعي لتصدير الكهرباء التي تم إنجازها تنفيذا لقرارات المجلس الوزاري للكهرباء في إطار جامعة الدول العربية. وذكر الوزير من جهة أخرى، أن الإعلان الرسمي عن الأرضية الثانية للاتحاد من أجل المتوسط المتعلقة بالسوق الجهوية للكهرباء شهر أكتوبر 2015، يترجم إرادة المغرب في تحقيق هدف إنشاء سوق جهوية للكهرباء في المنطقة الأورو- متوسطية بغية ضمان إمداد طاقي آمن ومستدام وتنافسي، مشيرا إلى أن هذا المشروع الهام يؤكد وعي جميع المتدخلين في قطاع الكهرباء، مهنيين وصناع القرار، بالفرص التي يوفرها تعزيز التعاون الجهوي لمواجهة التحديات والاستفادة من اندماج الأسواق الكهربائية. وبخصوص تنويع المصادر الطاقية بالمغرب باعتباره مستوردا للطاقة، أوضح السيد اعمارة، أن المملكة المغربية اعتمدت استراتيجية واقعية ومفتوحة على جميع مصادر الطاقة المتاحة الأحفورية منها والمتجددة، تمت ترجمتها إلى خارطة طريق متضمنة لبرامج عمل ومشاريع مفصلة على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وأضاف أن الانتقال الطاقي الذي ينهجه المغرب إنطلاقا من هذه الاستراتيجية، عرف اليوم نقطة تحول تاريخية بفضل الدفعة القوية التي أعطاها جلالة الملك محمد السادس للطاقات المتجددة بإعلان جلالته في خطابه بمناسبة اجتماع قادة الدول في الدورة ال21 لمؤتمر الأطراف بباريس، أن المغرب سيرفع من حصة الطاقات المتجددة إلى نسبة 52 في المائة من القدرة الكهربائية المنشأة في أفق سنة 2030، مما سيمكن المغرب من التوفر على باقة كهربائية تتميز بتفوق مصادر الطاقات المتجددة على المصادر الأحفورية. ولتحقيق هذا الهدف، سيتم إنجاز قدرة إضافية لتوليد الكهرباء من مصادر متجددة تقدر بما يفوق 10 جيكاواط في الفترة ما بين 2016 و2030، (20 في المائة للطاقة الشمسية و20 في المائة للطاقة الريحية و 12 في المائة بالنسبة للطاقة الكهرو- مائية) بحيث ستمكن هذه البرامج من تقليص التبعية الطاقية من 98 في المائة سنة 2009 إلى أقل من 82 في المائة في أفق 2030. ولمواكبة هذا الورش الضخم، أبرز السيد اعمارة، أنه يتم حاليا تفعيل المخطط الوطني لتطوير استعمال الغاز الطبيعي المسال في قطاعي الكهرباء والصناعة الذي أعلن عنه في دجنبر 2014، حيث سيتم إنجاز محطات لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي (على شكل دارات مركبة) بقدرة إضافية تصل إلى 4800 ميكاواط ما بين 2020 و 2030، ستوفر اقتصاد حوالي 24 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا. ومن أجل تفعيل هذه البرامج والمشاريع الطاقية، فإن المملكة المغربية تولي أهمية كبرى لتحفيز الاستثمار في مجال الطاقة عموما ومجال الطاقات المتجددة بالخصوص، حيث تواصل اتخاذ تدابير وإجراءات وتطوير الترسانة القانونية والتنظيمية والمؤسساتية بهدف توفير المناخ والإطار الملائمين لتشجيع المستثمرين الخواص، وطنيين وأجانب، في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية. وأبرز الوزير في هذا الإطار، أن المغرب سيعمل على إحداث وكالة وطنية مستقلة لضبط قطاع الكهرباء خلال سنة 2016، وذلك بغية مصاحبة التطور الذي عرفه قطاع الطاقة الوطني، لاسيما من حيث فتح سوق الكهرباء من مصدر متجدد للخواص، مشيرا الى الدور الهام الذي تضطلع به الطاقة النووية في التقليص من التبعية الطاقية الوطنية ومكافحة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، وكذا تحلية ماء البحر. بالنظر لموقعه الجغرافي الاستراتيجي ولإرادته السياسية، أوضح الوزير، أن اندماج المغرب في المنظومة الطاقية الجهوية يشكل إحدى أولويات استراتيجيته في مجال الطاقة، حيث قام بإنشاء قدرات ربط مهمة مع اسبانيا (1400 ميغاواط) والجزائر (1200 ميغاواط، في حين تتم حاليا دراسة إقامة قدرات إضافية مع البرتغال (1000 ميغاواط) واسبانيا (700 ميغاواط)، فضلا عن الشروع في الدراسات التقنية الأولية لتحديد الخيار الأمثل على المستوى التقني والاقتصادي لربط مدينة نواذيبو بمدينة الداخلة. ويشكل هذا الملتقى العربي، الذي ستقدم خلاله مداخلات علمية مرتبطة بالطاقة الكهربائية، فرصة لتبادل التجارب والاستراتيجيات المرتبطة بالطاقة، والتفكير في رؤية تمكن العالم العربي على المدى البعيد من تنويع أكبر لمصادره الطاقية، وذلك من خلال دعم التطور التكنولوجي في مجال توليد الكهرباء ومصادر الطاقة المتجددة المتاحة في هذه البلدان. ويشتمل المؤتمر أيضا على معرض متخصص سيشكل فرصة للشركات الصناعية والشركات العاملة في مجال التركيبات وبناء مكونات الأنظمة الكهربائية للتعريف بنشاطاتها وأعمالها. تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العربي للكهرباء يسعى، منذ تأسيسه عام 1987، إلى تطوير أعماله المتنوعة وتحقيق أهدافه المتمثلة بتطوير قطاع الطاقة الكهربائية في مختلف المجالات وفي كافة الدول العربية ويساهم في تنمية وتطوير وتنسيق مجالات عمل أعضائه وتوثيق الروابط فيما بينهم. يعقد المؤتمر العام للاتحاد كل ثلاث سنوات في نهاية دورة مجلس الإدارة، بحيث يمكن جميع الأعضاء في الاتحاد من الالتقاء مع نظرائهم من المؤسسات العربية والأجنبية التي تعمل في مجال توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية لتبادل الخبرات العلمية والفنية والاطلاع على آخر المستجدات والإنجازات والخروج بتوصيات ونتائج تخدم قطاع الطاقة الكهربائية في الوطن العربي.