الداكي: رئاسة النيابة العامة حريصة على جعل حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية    لوديي وبريظ يستقبلان وفد مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يقوم بزيارة للمملكة    البوليزاريو: لا صفة له للتفاوض مع السوق الأوروبية المشتركة    المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق حملته الترويجية الثانية "نتلاقاو فبلادنا"    قيس سعيّد رئيسا لعهدة ثانية ب 90.69%    وليد الركراكي يستدعي بالعامري لتعويض غياب مزراوي    توقعات احوال الطقس ليوم الثلاثاء.. أمطار وانخفاض في درجة الحرارة    مديرية الأمن وبنك المغرب يعززان التعاون    طلقات نارية تحذيرية توقف جانحا في مراكش    النقيب الجامعي يوجه رسالة مفتوحة لعزيز أخنوش.. إلى أين تسيرون بالمغرب وبالمغاربة؟    الرجاء والجيش الملكي في مجموعة واحدة بدوري أبطال إفريقيا    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء        "سباق ضد الزمن" .. هل تستطيع إيران إنتاج سلاح نووي في أقل من أسبوع؟        النادي السينمائي لسيدي عثمان ينظم مهرجانه ال10 بالبيضاء    مجموعة "لابس" تتحدى الهجوم الجزائري وتغني في المغرب    مهنيو النقل الدولي للبضائع يستنكرون توقيف الحكومة لدعم الغازوال    زهير زائر يعرض "زائر واحد زائر مشكل" بالدار البيضاء ومدن أخرى        حموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي فقد حياته بين طنجة والفنيدق    التشيك تجدد التأكيد على تشبثها بعلاقاتها الوثيقة مع المغرب    "القسام": طوفان الأقصى ضربة استباقية وندعو لأكبر تضامن مع فلسطين    إحباط محاولة للهجرة السرية بإقليم طرفاية    المنتدى العربي للفكر في دورته 11    المغرب يحتضن النسخة الأولى لمؤتمر الحوسبة السحابية    السلطات المغربية تعتقل مجرما خطيرا فر من السجن بإحدى الدول الأوروبية    بركان تتعرف على منافسي "كأس الكاف"    الملك يشيد بمتانة الروابط مع السعودية    افتتاح السنة التشريعية حدث دستوري وسياسي واجتماعي واقتصادي بدلالات وأبعاد وطنية ودولية    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    ريال مدريد يعلن إصابة داني كارفاخال بتمزق الرباط الصليبي الأمامي وعدة إصابات خطيرة أخرى    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    أرباب المخابز يحتجون على عشوائية القطاع وتدهور وغياب الدعم المالي    جهة سوس تسجل أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    كتائب القسام تقصف إسرائيل تزامنا مع ذكرى "طوفان الأقصى"    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة تجارة الرصيف "الفراشة" هل من حل ؟
نشر في أخبارنا يوم 22 - 01 - 2016

بدأت ظاهرة تجارة الرصيف أو مايعرف ب"الفراشة" أول مابدأت في الحدائق العامة وأمام المدارس وملاعب الكرة والمعارض ودور السنيما، وفي المواسم والمهرجانات الفنية والأسابيع الثقافية، ولم تكن تطرح إشكالا كبيرا، نظرا لقلة المتعاطين لها وعدم مساسها بحقوق أرباب المحلات التجارية، كما أن هذه الظاهرة لم تكن تكتسح الملك العمومي أو الشوارع ماعدا ماكنا نراه من باعة الفول والحمص أو باعة الحلزون، وأغلب هؤلاء كانوا يستعملون العربة ويقفون بعيدا عن طريق السيارات، لكن بمجئ الربيع العربي تهيأت الأجواء التي أدت إلى اكتساح الظاهرة لمجموعة من الشوارع بمختلف المدن المغربية.
وسنعالج هذه الظاهرة من منطلق الحياد الذي يسعى إلى تحقيق المصلحة العامة، بعيدا عن الحسابات الضيقة والدعايات المغرضة التي تستند الى نوع من الميز الطبقي أو العنصري ، فتجارالرصيف فئة من المغاربة لهم الحق في العيش الكريم منهم آباء وأمهات ، وعدد لايستهان به من الأرامل والمطلقات، والمعطلين والمعطلات من حاملي الدبلومات والشهادات، والمطرودين من الشغل والمطرودات، والمعاقين والمعاقات، وغير هؤلاء ممن يصعب حصرهم، ومما لاشك فيه أن هذه الفئة أفرزتها عوامل اقتصادية واجتماعية نابعة من الواقع المغربي الذي يعاني من التخلف بمختلف أشكاله، لذا لاينبغي التعامل مع تجار الرصيف بطريقة إقصائية بل لابد من الحوار معهم والإنصات لهم وإنصافهم والاعتراف بحقهم في العيش الكريم، ولكن ليس على حساب أرباب المتاجر الذين يعانون هم أيضا من انعكاس آثار هذه الظاهرة على دخلهم إلى درجة أن من بينهم من أصبح دخله لايفي حتى بأداء واجب الكراء، بله المصاريف الأخرى، ومن بينهم من طالته الديون حتى صار يفكر في بيع "ساروت" متجره، والبحث عن مهنة أخرى يمكن أن تضمن له العيش الكريم .
ومن الواضح أن ظاهرة تجارة الرصيف هي نتاج سياسات فاشلة تعاقبت على تسيير المجالين الإقتصادي والإجتماعي، فأسفرت عن ارتفاع نسبة البطالة ونسبة الهجرة من البادية إلى المدينة ، ، وغلاء أثمنة كراء الحوانيت وارتفاع أثمنة مفاتيحها أي ما يسمى ب(الساروت) ، ونهج سياسة القضاء على الأسواق الأسبوعية، هذا بالإضافة إلى الكساد الذي تعرفه السوق المغربية بسبب ضعف القدرة الشرائية.
وفي انتظار حل جذري يقنن هذه الظاهرة وينظمها ويعترف بحقوق ممارسيها،ويعمل على تحويلهم إلى تجار عاديين تسمية وتشريعا ، نقترح الحلول التالية:
- الحد من الهجرة إلى المدن بخلق فرص شغل في البوادي عن طريق تنميتها وتشجيع الاستثمارات المحلية بها .
- نهج سياسة تشغيل فاعلة في القطاعين العام والخاص .
- تأسيس أسواق أسبوعية في أماكن قريبة من المدينة ومدها بالطرق التي تسهل الوصول إليها .
- بناء محلات تجارية بمساحات واسعة في أماكن رائجة وكراؤها لتجارالرصيف أوتفويتها لهم بأثمنة رمزية تدفع على أقساط ملائمة.
- تنظيم معارض تجارية طويلة الأمد خاصة بتجار الرصيف
- تأهيل تجار الرصيف من حملة الشهادات ممن لديهم رغبة في تغيير نشاطهم إلى مهنة أخرى من خلال تكوينات تمكنهم من العمل بالقطاع الخاص .
وفي ظل غياب تقنين محكم لهذه الظاهرة يقع بعض تجار الرصيف في أخطاء كان بالإمكان تفاديها مثل عرض السلع في الطريق بطريقة غير منظمة، مما ينتج عنه كثرة الازدحام، وتهييئ الأجواء لظهور ظواهر سلبية كثيرة أبرزها اللصوصية والتحرش، و ترك النفايات والأزبال، والضوضاء الناتجة عن الصراخ والنداء لإشهار الأثمنة والتعريف بالسلع المعروضة، أضف إلى ذلك مكبر الصوت المستخدم من طرف بعض الباعة، كما أن الصراع حول المواقع قد يؤدي إلى نزاعات قد تفضي الى نهايات غير محمودة.
ولابد من الإشارة إلى أن أرباب المتاجر لم يقفوا موقف الحياد من هذه الظاهرة، وكيف وهم يشكون من الكساد بسبب استحواذ تجار الرصيف على زبائنهم،ويعتبرون أنفسهم المتضررالرئيسي، ولذلك فهم يطالبون من خلال جمعياتهم بإيجاد حل لهذه الظاهرة وحسب قول بعض التجار فهم يعانون من إكراهات المنافسة غير المتكافئة التي يتعرضون لها من طرف تجار الرصيف الذين يخفضون أثمنة سلعهم لأنهم لايؤدون واجبات على تجارتهم، وهذا يؤدي إلى الإضرار بالتاجر الذي يؤدي التزامات مادية باهضة تتمثل في الضريبة والكراء والكهرباء والحراسة، لذا فهم يطالبون بحلول حاسمة، ويقدمون أنفسهم كطرف رئيسي في دعم كل المبادرات الرامية الى إيجاد هذه الحلول.
ويصرح أحد تجار الرصيف- وهو معاق- أنه بسبب التضييق الذي تمارسه السلطات عليهم فقد تحول الوضع الإجتماعي لكثير منهم إلى وضع مأسوي، فقد أصبحوا بدون دخل ويعانون من العجز عن دفع إيجار المسكن وواجب الماء والكهرباء ، مما يحتم على الحكومة أن تعجل بإيجاد الحل ورد الاعتبار لهذه الفئة.
ومن جهة أخرى يرى بعض أرباب المحلات التجارية أن من بين الأسباب التي أدت إلى تعقد الظاهرة عدم التزام بعض تجار الرصيف باستغلال الحوانيت التي قدمت لهم وإخلالهم بالاتفاق المبرم حول ذلك، بدعوى أن هذه الحوانيت تعاني من انعدام الأمن والماء والكهرباء والبعد عن الزبناء، مما أدى ببعضهم إلى إغلاقها أو اتخاذها مستودعات، والرجوع إلى ممارسة التجارة في الشارع العام من جديد .في حين يؤكد أحد تجار الرصيف أن تلك الحوانيت لاتفي بالمطلوب نظرا لصغر مساحتها وتواجدها في مواقع لايرتادها سوى القليل من الزبناء.
وإذا أضفنا إلى ذلك تناسل الظاهرة، الذي يؤدي بين الفينة والأخرى إلى التحاق فوج جديد من تجار الرصيف بالشارع العام، وتحول أقلية من أرباب المحلات إلى ممارسة "الفراشة" باستغلال الملك العام الذي أمام متاجرهم أو كرائه لبعض تجار الرصيف، فإن الوضع سيبدو معقدا، ويحتاج من أجل حله إلى توفير شروط اجتماعية واقتصادية جديدة قادرة على امتصاص البطالة، وتوفير مناخ اقتصادي يتسع للجميع، تتم فيه المنافسة بشكل ديمقراطي قائم على احترام الحقوق الاقتصادية للآخرين.
هكذا يبدو أن ظاهرة تجارة الرصيف أضحت إشكالية معقدة، وأن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية رغم أنها تستنفذ جهودا كبيرة من السلطة من أجل محاصرة تجار الرصيف ، في إطار لعبة الكر والفر التي تنهك الطرفين معا، وبالتالي تنعكس على أرباب المتاجر وتجار الرصيف نفسيا واقتصاديا، لذا فإننا ندعو إلى تنظيم مناظرة وطنية تقوم بدراسة هذه الظاهرة، وتطرح الحلول المعالجة لها، على أن تخرج بتوصيات تعمل الحكومة على تطبيقها من أجل غد اقتصادي مشرق لتجار الرصيف وأرباب المتاجر والزبناء على السواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.