عبد الله السباعي لقد أثار توقيع عثمان بن جلون الرئيس المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية والسيد فليب دو فونتين فيف نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار بحضور كارلوس غصن المدير العام لشركة "رونو نيسان" يوم الخميس 9 فبراير 2012 على اتفاقية حصل بموجبها على قرض ب35 مليون أورو من البنك الأوروبي للاستثمار موجه لتمويل جزء من مشروع "رونو طنجة"، علامات استفهام كبرى حول مصير البنك المغربي للتجارة الخارجية لعدة اعتبارات، أولها أن بن جلون تصرف بمنطق شخصي استعلائي واختار أن يتصرف خارج إطار احترام دولة المؤسسات، حيث استغل نشاط ملكي لتوقيع الاتفاقية بدون إخبار الحكومة ووزاراتها الخارجية والمالية والشؤون الاقتصادية والشؤون العامة والداخلية وولاية طنجة والسلطات الأمنية، وثانيا أن البنك المغربي للتجارة الخارجية الذي يواجه ظروف خاصة في ظل إعادة الهيكلة والانتشار وأيضا في ظل الحديث عن بيع جزء من رأسمال البنك لمستثمرين أوروبيين وعرب، الشيء الذي يطرح التساؤل حول الضمانات التي قدمها بن جلون للحصول على هذا القرض خصوصا أن أي بنك على الصعيد العالمي يحتمي بالبنك المركزي قبل توقيع أي اتفاقيات ذات التزامات مالية دولية. إن ما أقدم عليه عثمان بن جلون يتطلب مساءلة من عدة جهات، أولها بنك المغرب، وثانيا المجلس الإداري للبنك المغربي للتجارة الخارجية، وثالثا المجموعة المهنية المغربية للأبناك، ذلك أن الأمر يتعلق بسمعة المؤسسات البنكية المغربية، ويمس بالدرجة الأولى فضاء الاستثمار في المغرب، إذ لا يعقل أن توقع اتفاقيات بملايين الأوروات في بلد دون وجود رعاية رسمية وحماية أمنية وضمانة حكومية، وإلا فإن ذلك يعني الاستهتار بالمؤسسات القائمة وعدم إيلائها أي أهمية، خصوصا أن الحدث تم بمناسبة نشاط ملكي هام شهد افتتاح أكبر مصنع خارج فرنسا لشركة "رونو"، وهو ما يعني بالنسبة لعدد من المراقبين أن بن جلون حاول استغلال الحدث للترويج للاتفاقية دون أي اعتبار للحكومة ومكوناتها. إن عدم وضع النقط على الحروف بالنسبة لحدث توقيع بن جلون لاتفاقية قرض 35 مليون أورو مع البنك الأوروبي للاستثمار من شأنه التأثير على هيبة الدولة داخليا وخارجيا، ومن شأنه أيضا تشجيع باقي المؤسسات المالية والبنكية وغيرها على المضي في أسلوب التطاول على المؤسسات وتجاوز البروتوكول المعمول به بالنسبة للعلاقات الخارجية، بالإضافة إلى أن ذلك سيدخل مؤسسات الاستثمار متاهات الفوضى والتخبط العشوائي. لاشك أن الوقوف الرسمي والإعلامي والاقتصادي عند هذا الحدث يدفع من جهة لمساءلة عثمان بن جلون من طرف المجلس الإداري للبنك المغربي للتجارة الخارجية والمؤسسات المعنية عن سبب هذا التصرف وضرورة التقيد بالبروتوكول الرسمي بالنسبة للاتفاقيات الدولية، ومن جهة أخرى، للحيلولة دون تكرار هذه السلوكات الغريبة والتي تدفع حقا للتساؤل عن مصير البنك المغربي للتجارة الخارجية في ظل رئاسة عثمان بن جلون؟