بين الدفن والترحيل، تبقى مسألة تعامل السلطات الفرنسية مع جثث الإرهابيين أمرا شائكا ومعقدا، فتقوم الحكومات أحيانا بدفن بعضها بشكل سري وترحل عددا منها إلى الدول التي يتحدرون منها. ففي فرنسا مثلا، تعاملت السلطات الفرنسية مع جثامين منفذي الاعتداءات في باريس سابقا وحاليا بنفس الوتيرة، فقد دفنت بشكل سري جثة أحمدي كوليبالي منفذ عملية احتجاز رهائن في متجر يهودي بباريس في يناير/كانون الثاني الماضي، وكذلك جثتي الأخوين كواشي. إلا أن التعامل مع جثة محمد مراح لم تكن بنفس الطريقة، حيث أفاد عبد الله زكري، المندوب السابق لمسجد باريس في جنوب غرب فرنسا ، أن والدة مراح لجأت إليه لتولي أمر الدفن، وكان رئيس البلدية يريد التأجيل، الأمر الذي كان سيغذي الحديث عنه في حال إبقاء الجثة في المشرحة. واضاف زكري أنه تم دفن جثة مراح من دون شاهد في مقبرة بضاحية تولوز وخارج الأوقات التي يسمح فيها بزيارة المقبرة، وقال زكري إن الجثة دفنت في الجزء المخصص للمسلمين، مضيفا أن نحو أربعين من أقارب مراح شاركوا في تشييعه وهتفوا "الله أكبر" لدى مغادرة المقبرة، مشيرا إلى أنه لا يزور قبر مراح أحد. وفي قضية اعتداءات باريس الأخيرة في ال13 من نوفمبر/تشرين الثاني، عادت المسألة لتطفو من جديد، فباستثناء عبد الحميد أباعوض المنظم المفترض للاعتداءات، وهو بلجيكي مغربي، والأرهابيين الذين لم تحدد هوياتهم حتى الآن، فإن المنفذين الآخرين فرنسيين، حيث كان إبراهيم عبد السلام وبلال حدفي يقيمان في بلجيكا، إلا أنهما يحملان الجنسية الفرنسية. وينص القانون الفرنسي على طرق عدة للتعامل مع هذه المسألة، فحسب المدير العام لمكتب دفن الموتى في مدينة باريس فرانسوا ميشو نيرار، أنه إذا طلبت الأسرة الجثمان، فإنه يحق لها دفنه في المنطقة التي كان يقيم فيها أو حيث تملك الأسرة مدفنا عائليا، أو في المكان الذي توفي فيه. وأضاف فرانسوا ميشو نيرار أنه في حال عدم رغبة الأسرة في تنظيم موكب جنائزي، فإن البلديات المعنية تتولى الأمر. هذا وأشار المدير العام لمكتب دفن الموتى بباريس إلى أنه وفي كل الحالات فأن وضع إسم الميت على قبره ليس أمرا ملزما، وهذا في مصلحة الجميع،لكي لا تتحول قبور الإرهابيين إلى "مزارات". إلى ذلك كتبت ريفا كاستوريانو، صاحبة كتاب "ماذا نفعل بجثث الجهاديين؟"، تقول إن منفذي الاعتداءات السابقة تم دفنهم في فرنسا، البلد الذي يحملون جنسيته وبلد إقامة الوالدين. جدير بالذكر أن 7 مسلحين إرهابيين قتلوا في ال 13 من نوفمبر/تشرين الثاني، 3 منهم بالقرب من "ستاد دو فرانس" شمال باريس وهم بلال حدفي ورإثنان قدما إلى فرنسا بجوازي سفر سوريين مزورين ولم تعرف هويتهما بعد، و3 في مسرح باتاكلان وهم عمر اسماعيل مصطفاوي وسامي عميمور، وثالث لم تعرف هويته بعد، إضافة إلى إبراهيم عبد السلام الذي فجر نفسه في حانة بباريس. كما قتل 3 آخرون عندما داهمت الشرطة شقة في سان دوني شمال باريس في ال 18 من نوفمبر/تشرين الثاني وهم عبد الحميد أباعوض وحسنة آيت بلحسن ورجل ثالث لم تعرف هويته.