دفنت جثة منفذ هجمات تولوز ومونتوبان محمد مراح عصر الخميس في القسم المسلم في مقبرة كورنباريو في ضاحية تولوز (جنوب غرب فرنسا) بعد جدل اثير حول مكان دفنه. وافاد مراسل فرانس برس ان الدفن الذي شارك فيه حوالى 15 شخصا كلهم رجال تم سريعا جدا في القبر الذي حفر بعد الظهر لهذه الغاية.
وادى المشيعون الصلاة قبل الدفن بحسب الصحافيين خارج المقبرة التي احاطت بها قوات الدرك وحلقت فوق المكان مروحية. وفتحت المقبرة خصيصا لمراسم دفن بسيطة.
وبذلك انتهى جدل اثير حول مصير جثة مراح الذي قتل سبعة اشخاص قبل اسبوع على مقتله برصاص الشرطة.
وكان طلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "عدم اثارة جدل" في مسألة دفن مراح قائلا ان الاخير "كان فرنسيا ويجب ان يدفن، علينا الا نثير جدلا في هذا الشأن".
وقد جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي اثر اعلان بلدية تولوز جنوب غرب فرنسا الخميس ارجاء جنازة محمد مراح التي كانت مقررة بعد ظهر اليوم، 24 ساعة معتبرة ان دفنه في المدينة "غير مناسب".
وقالت البلدية انه "بعد رفض الجزائر في اللحظة الاخيرة تسلم جثة محمد مراح, رأى (رئيس البلدية) بيار كوهين ان دفنه في المدينة غير مناسب".
واضافت ان رئيس البلدية طلب لهذا السبب "من شرطة المنطقة تأجيل الدفن 24 ساعة وطلب مساعدة الدولة".
وكان رئيس بلدية تولوز بيير كوهين طلب في وقت سابق تأجيل الدفن بحيث يمكن للحكومة الفرنسية النظر في نقل الدفن لمكان اخر لانه يرى ان من غير المناسب دفن مراح في المدينة الواقعة بجنوب غرب البلاد حيث وقعت عمليات القتل.
وقال كوهين للصحفيين في تولوز "يبدو من الافضل لنا البحث عن موقع اخر للدفن" واضاف"الوزير الذي اتصلت به ذكرني بالقانون ونتيجة لذلك أعطيت الاذن ليتم دفنه هذه الليلة."
وتابع "يمكن لهذا القرار الاخلال بالنظام العام والسير ضد الجهود التي بذلتها لتوحيد مواطني تولوز منذ بدء هذه الجرائم البشعة التي كست مدينتنا بالحداد". واعرب عن خشيته ان يتحول مراح الى شهيد.
وكان مسؤول ديني اعلن ان الاسلامي المتطرف محمد مراح الذي اكد انتماءه الى تنظيم القاعدة وقتل سبعة اشخاص، سيدفن عصر الخميس في فرنسا وذلك بعد رفض السلطات الجزائرية في اخر لحظة نقل جثمانه المحرج الى الجزائر "لاسباب امنية".
وصرح عبد الله زكري ممثل عميد جامع باريس الكبير لفرانس برس "كلفتني العائلة تنظيم الجنازة خلال 24 ساعة في فرنسا بموافقة السلطات لان الجزائر رفضت استقبال جثمان محمد مراح لاسباب امنية".
واعلن زكري "اعتقد انه سيدفن اليوم (الخميس) في الساعة 00:17 (00:15 ت غ) في تولوز في جناح المسلمين بمقبرة كورنباريو".
واضاف امام قنصلية الجزائر في تولوز حيث جرت المفاوضات حتى اخر لحظة لنقل الجثمان "سيدفن الساعة 17,00 في جناح المسلمين بمقبرة كورنباريو بتولوز".
واعلنت اجهزة بلدية تولوز في وقت سابق "انه كان مقيما في تولوز وتوفي فيها وبالتالي فان من واجب المدينة ان تدفنه طبقا للقانون". واضافت "انه ليس قرار البلدية بل واجب قانوني يستند الى قانون الدفن".
وكورنباريو هي اكبر مقبرة في منطقة تولوز وتمتد على 33 هكتارا وتشمل قسما كبيرا للمسلمين.
واكد زكري ان قبر مراح سيكون مجهولا بلا اسم تفاديا لتدنيسه.
وقد اعلنت عائلة محمد مراح من الجزائر قبل ذلك ان جثمانه سينقل على متن طائرة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية من تولوز الى الجزائر العاصمة في الساعة 13,15 (11,15 توقيت غرينيتش). لكن بعد ان كان يبدو ان العائلة اتخذت كل التدابير، رفضت الجزائر استقبال الجثمان.
وكان الاب المقيم في الجزائر يريد دفن ابنه في ارض اجداده بقرية بزاز ببلدية السواقي (80 كلم جنوب العاصمة) التي يتحدر منها، بينما كانت الام المقيمة في فرنسا تخشى ان يدنس قبر ابنها في فرنسا.
وقال والد محمد مراح لوكالة فرنس برس "الله غالب (هذا قدر الله) لم يكتب له (محمد مراح) ان يدفن في الجزائر". واضاف "لن اتمكن من حضور الجنازة. لا يوجد وقت كاف وليس لدي طائرة خاصة للانتقال الى تولوز".
وأكد مصدر بالحكومة الجزائرية في وقت سابق ان الحكومة رفضت السماح بنقل جثمان مراح لدفنه في قريته مثلما طلب والده.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "الجزائر ليس لها علاقة بهذه القضية ولا نفهم السبب في ان بعض الدوائر في فرنسا تحاول ان تزج بنا في هذه القضية. هذا هو السبب في اننا اتخذنا القرار بعدم السماح بدخول الجثمان الان في الجزائر." وأضاف "هذا قرار مؤقت
وامتنع والد مراح عن التعليق على رفض السلطات الجزائرية نقل ابنه ليدفن في الجزائر. وقال "ليس لدي تعليق على قرار السلطات الجزائرية فانا لا اعرف القوانين". وعبر آخرون عن تخوفهم من ان يتحول قبره الى مزار.
واعتبر العديد من المسلمين ان دفنه في الجزائر افضل رغم ان محمد مراح لم يعش هناك البتة باستثناء بعض الزيارات النادرة.
وقال زكري ان "هذا الرجل ارتكب اعمالا ارهابية وقد يعتبر بعض الارهابيين المجانين قبره مزارا بينما قد يدنسه اخرون". واضاف ان "الجزائر لا تتملص من واجبها لكنه مواطن فرنسي ولد في فرنسا ونشا فيها". واضاف ان "العائلة تريد تنظيم جنازة باكبر قدر ممكن من البساطة والتكتم".
وقال المحققون ان التحقيق حول جرائم هذا الشاب الذي تحول الى احد عناصر القاعدة، والمتواطئين المحتملين معه، ماض قدما.
ورصد المحققون في قرية تبعد بضعة عشرات من الكيلومترات عن تولوز سيارة عثر فيها على خوذة اصحاب الدراجات النارية وقطع دراجة تشبه التي استعملها محمد مراح لاغتيال ثلاثة اطفال وحاخام يهودي وثلاثة مظليين بدم بارد، على ما افاد مصدر قريب من التحقيق.
ويبدو ان رجلا يقيم في المبنى نفسه الذي كان يسكن فيه محمد مراح هو صاحب السيارة التي عثر عليها وهي من نوع رينو كليو مسجلة في "هوت-غارون" (مقاطعة تولوز).
وخلال حديثه مع الشرطيين عندما كان معتصما في منزله، دلهم محمد مراح الى المكان الذي كانت فيه الدراجة التي سرقت بداية مارس.
وقد يؤدي اكتشاف السيارة الى توضيح سبب ظهور دراجة نارية بالوان مختلفة في مواقع الجرائم الثلاث ولماذا عدل هيكلها.
من جهة اخرى عثر على مفتاح الكتروني (يو اس بي) ثان يحتوي على شريط فيديو جرائم تولوز ومونتوبان في جيب سروال محمد مراح بعد مقتله، كما علم الاربعاء من محضر محكمة باريس.