يناقش عدد من الباحثين والخبراء الدوليين من المغرب وإسبانيا وفرنسا والأرجنتين، في ندوة دولية اليوم السبت بالرباط، فرص السلم والاستقرار التي يوفرها مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة كحل للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء وباعتباره مقترحا جديا وذا مصداقية يمكن ساكنة المنطقة من التدبير الديمقراطي لشؤونها ويفتح آفاقا واسعة لتحقيق الاندماج المغاربي. ويحلل المشاركون في الندوة، التي ينظمها الفريق الاشتراكي بمجلس النواب حول موضوع "مقترح الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية"، المخاطر الكبرى التي تتهدد أمن واستقرار المنطقة جراء التداخل القائم اليوم بين النزعة الانفصالية والتيارات الإرهابية الجهادية، مقابل وجاهة مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية كحل نهائي للنزاع وسبيل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة. وفي هذا الصدد، أبرز الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية السيد ادريس لشكر، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، أن السياسة الجهوية ليست في حاجة فقط لمؤسسات منتخبة ذات صلاحيات تنفيذية وأنه لا ينبغي اختزال الجهوية في البنية الفوقية، " بل ينبغي صياغة برامج تنموية تشاركية تفتح فرصا أمام الفاعلين المحليين لتملك المقترحات التنموية، بما يساهم في تطوير مقترح الحكم الذاتي كحل عادل ودائم لقضية الصحراء المغربية". واعتبر أنه من الضروري اليوم إشراك جميع الفاعلين المحليين من منتخبين وأحزاب سياسية ونقابات ومجتمع مدني وسلطات في تحديد النموذج الأنسب لتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي للأقاليم الجنوبية والقطع مع التحديد المركزي للسياسات التنموية وتصريفها عبر القنوات التقليدية. وأشار السيد لشكر إلى أن معطيات البحث العلمي والتفكير العقلاني الذي تخولها هذه الندوة الدولية المنظمة بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، ستساهم في حل تعقيدات هذا النزاع المفتعل، مؤكدا على أهمية استثمار خلاصاتها في مواصلة الالتزامات الوطنية والدبلوماسية إزاء القضية الوطنية. من جهته، اعتبر السيد محمد الإدريسي، رئيس فدرالية جمعيات المغاربة بإسبانيا والكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإسبانيا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الندوة، أنه ينبغي التعامل اليوم مع قضية الصحراء المغربية من منطلق أن مقترح الحكم الذاتي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية يكملان بعضهما البعض. وأشار إلى أنه تم تنظيم العديد من المحاضرات باسبانيا، خاصة في جامعتي برشلونة وطاراغونا، تتحدث عن مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية والجهوية المتقدمة كحل لقضية الصحراء. وأضاف أن هذه المحاضرات خولت للعديد من الأساتذة الجامعيين والباحثين والطلبة الحاضرين الاطلاع على الأطروحة المغربية، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة دعم الدبلوماسية الموازية وإشراك مغاربة العالم في إبراز وجاهة مبادرة الحكم الذاتي المغربية. وبدوره، قال مدير مرصد الدراسات الجيو سياسية بباريس السيد شارل سان برو إن الشعوب المغاربية تعتبر ضحية لسياسة النظام الجزائري الذي يكرس استمرارية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأوضح في تصريح مماثل، أن هذا النزاع المفتعل يعيق التفاهم وتحقيق الاندماج على المستوى المغاربي، مشددا على أن إصرار الجزائر على إبقاء هذا النزاع يسيء لشعوب المنطقة و"يعني ناتجا داخليا خاما ونموا أقل، واندماجا إقليميا أقل، وقوة أقل في النقاش مع دول شمال المتوسط، وغيابا كليا للرؤية الاستراتيجية". ومن جهة أخرى، أبرز الخبير الفرنسي أن "النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يهدد السلم والاستقرار في المنطقة ويشكل بوضوح عاملا أساسيا لتكريس عدم الاستقرار، خاصة مع وجود ارتباطات للبوليساريو مع تجار المخدرات والمجموعات الإرهابية". وأضاف السيد سان برو "ندرك اليوم أهمية الحضور المغربي في الصحراء ولولاه لكانت هذه المنطقة فريسة لغياب الأمن والفوضى. ونرى اليوم أن المغرب فاعل أساسي وهام في مكافحة الإرهاب كما أكد ذلك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الجمعة عند استقباله لجلالة الملك محمد السادس". وتتواصل أشغال هذه الندوة الدولية من خلال جلستين تتناولان موضوعي "الانفصال كعامل لزعزعة الاستقرار بالمنطقة" و"الحكم الذاتي والاندماج المغاربي".