في سابقة هي الأولى من نوعها بالمغرب، توجه وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، أمس الثلاثاء 31 يناير/ كانون الثاني، إلى عشرات الشباب المحتجين العاطلين عن العمل، والحاصلين على شهادات جامعية عليا، حيث أنصت إليهم بشكل مباشر حول مطالبهم الاجتماعية، المتمثلة أساسا في التوظيف المباشر في قطاعات الدولة. ووعد الرميد، وهو المناضل الشرس سابقا في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، الشباب المحتج بفتح تحقيق مباشر في "المحرقة" التي حدثت قبل أيام في صفوف البعض منهم، وانتهت بوفاة أحدهم ويُدعى قيْد عبد الوهاب زيدون، وطالبهم الرميد بعدم إحراق ذواتهم، لأنه لو كان حل معضلة البطالة يكمن في إضرام النيران في الأجساد، لكنتُ أول من يحرق بدنه، على حد تعبيره. ورفع الشباب المنتمون إلى مجموعة الإدماج الفوري للأطر العليا المُعطلين عن العمل تظلماتهم لوزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بخصوص حادثة احتراق بعض الشباب الذين كانوا معتصمين في مقر وزارة التعليم طلبا للشغل، بحكم أنه أعلى هيئة قضائية، ورئيس النيابة العامة في البلاد، مطالبين في الآن نفسه بالتوظيف المباشر لكونه حق من حقوقهم المشروعة. رد الوزير على الشباب. وعبر المسؤول الحكومي عن تضامنه الكامل مع الشباب شرط أن يحتجوا في أماكن محددة للمطالبة بحقوقهم، وأن لا يتجاوزوا ذلك إلى القيام باحتجاجات تعرقل السير ومصالح المواطنين في الشارع العام، أو بواسطة اقتحام المؤسسات العمومية، حينها يضيف الرميد من حق السلطات العمومية أن تتدخل لفك الاعتصامات أو الاحتجاجات. وأردف الرميد أن من يضرب الشباب العاطلين عن العمل هم أبناء الشعب أيضا، فأفراد قوات التدخل العمومية ليسوا بأفضل حال من المحتجين، وبالتالي حين يُطلب منهم أن يفكوا اعتصاما ما يفعلون ذلك وهم تحت تأثير كم هائل من التراكمات النفسية بسبب صعوبة مهامهم، وطول مكوثهم في العمل في البرد والحر وغيره، مشيرا إلى أنه يتألم من كون أبناء الشعب يضربون أبناء الشعب. وفي سياق حديثه عن المقارنة بين تعامله مع ملف بطالة خريجي الجامعات كناشط حقوقي سابق، ثم كوزير للعدل حاليا، قال الرميد إنه لم يسْعَ إلى تولي هذا المنصب، وأن وجوده في الحكومة الحالية جعله "خاسرا" ماديا، و"خاسرا" صحيا، بسبب المشاكل الصحية التي يعاني منها. وخاطب الرميد جموع الشباب بأنه من المستحيل أن توظف الدولة جميع الشباب العاطل عن العمل في القطاع العام، واعدا إياهم بعمل اختبارات للتوظيف تكون نزيهة ومباشرة، لكن الشباب ردوا عليه بأنهم لا يثقون في الضمانات التي تحيط بنزاهة وشفافية هذه المباريات التي تعلنها عدد من وزارات ومؤسسات الدولة. ولم تفلح جهود الوزير الحثيثة في ثني الشباب عن الشروع في الاعتصام، حيث قرر جمع من الشباب الحاصل على شهادات عليا بدء اعتصام مفتوح وسط العاصمة المغربية الرباط، للمطالبة بما سموه حقهم المشروع في التوظيف المباشر والشامل في الوظيفة العمومية.