في السودان حيث يمتهن قسم كبير من المجتمع، الرعي، يكثر الجدال بين الزبائن ذوي الخبرة وتجار الماشية حول سعر الرأس، خصوصا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، لكن هذا العام ربما يتخلى كثيرين عن النزعة التفاوضية بعد طرح الحكومة أضاحي تم تسعيرها بناء على وزنها من الكيلوجرامات. مع اقتراب عيد الأضحى من كل عام يملأ تجار الماشية الساحات العامة في كل الأحياء تقريبا بخرافهم التي يتزاحم عليها المُضحين لكن هذه المرة توجه كثيرون إلى مناطق بعينها في العاصمة الخرطوم أعلنتها السلطات لبيع الخراف بالوزن. وحددت السلطات المحلية في العاصمة الخرطوم مبلغ 30 جنيها للكيلوجرام الواحد (حوالي 3 دولارات)، وهو أمر يرى محمد عباس (45 عاما) أنه يترتب عليه انخفاض في السعر بنسبة الثلث على الأقل. ويقول عباس وهو موظف حكومي، التقته الأناضول في إحدى الساحات المخصصة لبيع الخراف بالوزن أن “الأسعار تتراوح ما بين 1200 – 1500 جنيه (120 – 150 دولار أمريكي) في حين يمكنني هنا شراء أضحية بأقل من 900 جنيه (90 دولار)”. وفيما يعتقد عباس أن هذا السعر يتماشى مع ذوي الدخل المحدود، يؤيد موسى آدم ما قاله، لكنه يشير إلى أن “انخفاض السعر يصاحبه انخفاض في الجودة، لذا لن أشتري من هنا”. ويشرح آدم، الذي يعمل عاملا في أحد المصانع “هناك السعر أعلى، لكن الخراف لحمها أطيب من الخراف المعروضة هنا، لأن غالبها خراف متقدمة في السن”، مضيفا “يمكنك أن تقول أنها بائرة ويريد أصحابها التخلص منها”. ويشتكي آدم من أن أسعار الأضاحي عموما غالية في بلد يمتلك ثروة حيوانية ضخمة. وطبقا لإحصائيات رسمية يمتلك السودان أكثر من 130 مليون رأس من الماشية، علاوة على المراعي الخصبة في مساحات شاسعة. لكن عادة ما يربط التجار بين ارتفاع الأسعار وتصدير كميات كبيرة، خصوصا قبيل عيد الأضحى، لاسيما إلى الحجاج في الأراضي المقدسة فضلا عن أضاحي إلى بلدان عربية أخرى. والعام الماضي قالت وزارة الثروة الحيوانية أن صادر الهدي إلى الأراضي المقدسة بلغ 3 ملايين رأس. وفي الأعوام القليلة الماضية، باتت الحكومة تعول على صادرات الثروة الحيوانية بجانب موارد أخرى لتعويض خسارتها من فقدان ثلاث أرباع عائداتها النفطية، التي استحوذ عليها جنوب السودان، عندما انفصل في 2011، وكانت تمثل أكثر من 50% من الإيرادات العامة. وترتب على ذلك ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية قاربت 50%، لكن مؤشرات حكومية أظهرت تحسنا في الأشهر الأخيرة. ورغم أن الحكومة طرحت بالأساس الخراف التي تباع بالوزن لصالح ذوي الدخل المحدود، إلا أن كثيرين، التقاهم مراسل الأناضول قالوا أنهم لم يعثروا عليها في غالبية الأماكن التي حددتها السلطات المحلية. وقال آدم أنه تنقل بين منطقتين أعلنتهما السلطات، ولم يعثر على هذه الخراف التي تباع بالوزن، إلا في المنطقة الثالثة التي توجه إليها ومع ذلك “وجدتها لا تستحق هذا العناء وسأضطر للشراء من مكان آخر”. وبالمقابل فإن عباس الموظف الحكومي يبدو سعيدا بأنه استطاع شراء أضحيته بسعر “معقول” لكنه يتفق أيضا مع آدم أن أسعار الأضاحي غير متماشية مع ما تمتلكه البلاد من ثروة حيوانية. وبحسب الغرفة التجارية لتجار المواشي فقد تم استجلاب 150 ألف رأس خلال الأسابيع الماضية للعاصمة الخرطوم، التي يقطنها نحو 9 ملايين نسمة، لكن التقليد الشائع أن نسبة كبيرة منهم تقضي عطلة العيد في بلداتهم الأصلية بالريف. وتتوقع السلطات هذا العام أن يسافر نحو 3 ملاييين شخص من العاصمة لقضاء عطلة العيد مع ذويهم في مختلف الولايات.