بقلم عبد المنعم ابو علي ادريس رأى سودانيون ان الحزن على ضحايا الاحتجاجات الدامية التي شهدها السودان مؤخرا والصعوبات الاقتصادية في البلاد تجعل عيد الاضحى الذي يبدأ الثلاثاء المقبل قاتما هذا العام. وقال عباس محمد احمد (28 عاما) وهو طبيب بيطري في حالة حداد على شقيقه الذي قتل في ام درمان, المدينة التؤام للعاصمة الخرطوم, اثناء الاحتجاجات على ارتفاع اسعا ر المنتجات البترولية "لا استطيع ان اصف مشاعري". واضاف "خططت لمراسم زواجي في اليوم الذي يلي عيد الاضحى (...) خططت لاحتفال كبير بمشاركة الاهل والاصدقاء". لكنه تابع "لان لن تكون هناك مراسم وحتى العيد نفسه سيكون مختلفا هذا العام". وخرج الاف السودانيين الى الشوارع اغلبهم من مناطق فقيرة في الخرطوم في 23 ايلول/سبتمبر الماضي عقب تخفيض الحكومة دعمها لاسعار المحروقات. وطالبت التظاهرات التي تحاكي ما حدث في بلدان "الربيع العربي" باسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ 24 عاما, في اسوأ اضطرابات يواجهها منذ توليه السلطة. واكدت منظمة العفو الدولية انها على قناعة بان قوات الامن الحكومية قتلت اكثر من مئتين من المتظاهرين اغلبهم باطلاق النار عليهم. من جهتها, تؤكد السلطات ان عدد القتلى يتراوح بين ستين وسبعين, مشددة على انها تدخلت بعد ان تحولت الاحتجاجات الى اعمال عنف. وخلال التظاهرات, تمت مهاجمة محطات وقود ومراكز للشرطة. وبالغاء الحكومة جزءا من الدعم عن المنتجات البترولية بما فيها غاز الطبخ, ارتفعت اسعار هذه المواد بنسبة تقارب 60%. واعتبر البشير ان هذه القرارات الاقتصادية اتخذت لمنع الاقتصاد من الانهيار بعد ارتفاع معدلات التضخم وعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية. واكدت حنان جادين التي تبيع الشاي على قارعة الطريق في الجزء الجنوبي من الخرطوم "نواجه اوقاتا صعبة خاصة اننا في مناسبة العيد نشتري الكثير من الاشياء". واضافت "لكن مع ارتفاع الاسعار, وكل الاشياء ارتفعت اسعارها, لا اعتقد ان العيد سيكون مثل الاعياد السابقة". وتابعت "صحيح فقدنا العديد من الشباب في المظاهرات الاخيرة ونحن نحزن عليهم, لكن حزنا ايضا لاننا لا نستطيع توفير احتياجات اطفالنا". وسيذبح الذين يمتلكون المقدرة المالية اضحية. ويبلغ سعر الاضحية حوالى الف جنيه سوداني (حوالى 130 دولارا), وهو مبلغ لا يستطيع كثيرون تأمينه. وقال رجل طلب عدم كشف اسمه "لا املك المال لشرائها". من جهته, اكد كاتب يعمل على حسابه "اكون محظوظا عندما احصل في اليوم على عشرة جنيهات للانفاق على زوجتي واثنين من الابناء". واوضح "طعامنا في الغالب هو الفول واصناف من البقوليات". وتابع "نحتاج لحوالى ثمانين جنيها يوميا لتوفير اشياء ضرورية مثل السكر وزيت الطعام وربما كمية قليلة من اللحم", مؤكدا انه "يحمد الله على ما يحصل عليه لكنه يتطلع للمساعدة من منظمات دولية". وللتخفيف من وطأة رفع الدعم عن المنتجات البترولية, قالت الحكومة ان 700 الف اسرة ستتلقى دعما شهريا قدره 150 جنيها سودانيا. كما قامت بخطوات اخرى منها رفع الحد الادنى الشهري للاجور في الخدمة المدنية من 300 جنيه الي 425 جنيها. وتفيد تقارير رسمية ان معدل التضخم ارتفع خلال ايلول/سبتمبر الماضي الى 29,42 % مقابل 22,9% في Bب/اغسطس. وارتفع سعر كيلوغرام اللحم البقري في السوق الى 43 جنيها مقابل 32 جنيها قبل شهر. وزاد سعر كيلوغرام البطاطس بنسبة 50%. وقال عصام محمد حسن (47 عاما) الذي يعمل في شركة خاصة ان "الوضع الاقتصادي سيجبر العائلات على وقف الكثير من نفقاتها", موضحا انه اضطر لالغاء للرحلة التي يقوم بها كل عيد اضحى عادة الى منطقة اسرته. وقال حسن "ليس لدي المال لتغطيتها". لكنه رأى في الوقت نفسه ان "القتل في المظاهرات انعكس على اجواء العيد", معتبرا ان "هذا العيد سيكون مختلفا تماما عن سابقيه". وقال حمدان موسى الذي يعمل ميكانيكي سيارات ان مقتل ابن صديقه في التظاهرات الاخيرة "غير كل شيء". واضاف انه اعتاد تبادل الزيارات مع اسرة صديقه في العيد. وقال "سنذهب الى منزلهم لكن الوضع سيكون مختلفا ".